للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حقه، والمضاربة جائزة في الأصل.

ثالثًا: دليل القائلين بالتفصيل: أن توكيل رب المال للعامل أن يقارض غيره مستندٌ لجواز التوكيل، وتكون المقارضة بين رب المال بالأصالة والمضارب الثاني الذي سيعمل في المال، أما إن أراد أن يشاركه في العمل والربح فلا يجوز لأمرين:

١ - أن القراض على خلاف القياس، وموضوعه أن يكون أحد العاقدين مالكًا لا عمل له، والآخر عاملًا ولو متعددًا لا ملك له، فلا يعدل إلى أن يعقد عاملان (١).

٢ - أنه لو جاز ذلك لكان العامل الثاني فرع الأول، والأول ليس مالكًا لشيءٍ من رأس المال في المضاربة الثانية -إذا فُرض أن العامل سيضارب بما شُرط له من الربح في المضاربة الأولى (٢) -.

المناقشة:

١. عدم التسليم بأن المضاربة على خلاف القياس، وإن كان هو قول جمع من فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية (٣)، ووجه ذلك أنه استئجار بأجر مجهول، بل معدوم، ولعمل مجهول، ووجه عدم التسليم أن من جعلها خلاف القياس ظن أنها من جنس الإجارة التي يشترط فيها العلم بالعوض والمعوَّض، والصحيح أنها من جنس المشاركات، والمشاركات جنسٌ غير المعاوضات، وإن كان فيها شوب المعاوضة، قال ابن قيم الجوزية: (بيان أنه ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس، وأن ما يظن مخالفته للقياس أحد الأمرين لازم فيه ولابد: إما أن يكون القياس فاسدًا أو يكون ذلك الحكم لم يثبت بالنص كونه من الشرع. وقد سألت شيخنا-قدس الله روحه- عما يقع في كلام كثير من الفقهاء من قولهم: هذا خلاف القياس لما ثبت بالنص أو قول الصحابة أو بعضهم وربما كان مجمعًا عليه، كقولهم: ....) وعدّد مسائل وأبواب منها المضاربة (كل ذلك على خلاف القياس فهل ذلك صواب أم لا؟ فقال: ليس في الشريعة ما يخالف القياس ....) (٤).

٢. المضارب وإلم يملك رأس المال إلا أنه مأذون له في التصرف فيه، أولًا بالعقد وثانيًا


(١) نهاية المطلب ٧/ ٤٩٥، مغني المحتاج ٢/ ٤٠٥، نهاية المحتاج ٥/ ١٦٣.
(٢) نهاية المطلب ٧/ ٤٩٥.
(٣) ينظر مثلًا: بدائع الصنائع ٦/ ١٢٥، بداية المجتهد ٣/ ٤٤٩، مواهب الجليل ٧/ ٤٤٠، نهاية المطلب ٧/ ٤٩٥، مغني المحتاج ٢/ ٤٠٥، نهاية المحتاج ٥/ ١٦٣.
(٤) إعلام الموقعين ٣/ ١٦٥ - ١٧٢، وينظر: مجموع الفتاوى ١٩/ ١٧٦، ٢٠/ ٥٠٤ - ٥٨٥، ٢١/ ١ - ٢٣، ٣٠/ ٢٢٦ - ٢٢٨، والقواعد الكلية ص ٣٢٨ - ٣٣٥، وينظر قول الليث في المساقاة والمزارعة ص ١٠٤.

<<  <   >  >>