للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإذن، وكونه يضارب بما شُرِط له من الربح هذا فَرْضٌ من صاحب "نهاية المطلب"، ولا يلزم أصحاب القول الأول.

رابعًا: أدلة الجواز إذا قال له: اعمل برأيك، أو بما أراك الله، وكذلك الإذن غير الصريح في المضاربة:

الدليل الأول: أنه قد يرى أن يدفعه لمن هو أبصر منه (١).

الدليل الثاني: الاستناد للإذن، كما لو صرح له بالإذن بالمضاربة.

الدليل الثالث: القياس على ما لو نصب رب المال عاملين من أول العقد.

خامسًا: دليل المنع إذا قال له: اعمل برأيك، والمنع مع الإذن غير الصريح: أن قوله: اعمل برأيك يقتضي أن يكون عمله موكولًا إلى رأيه؛ لأن الأمر بالعمل موجه إليه، فلا بد له من أن يعمل، فإذا قارض به كان العمل لغيره (٢).

الترجيح

الراجح عدم جواز مضاربة المضارب بدفع رأس المال لآخر إلا بإذن المالك إذنًا صريحًا أو حكميًا.

أسباب الترجيح:

١. الأدلة المذكورة.

٢. أنه يوافق مقاصد الشريعة، من حيث قطع النزاع، وحفظ المال، وعدم التصرف في مال الآخرين إلا بإذنهم، وغير ذلك.

٣. أن الضابط في تصرفات المضارب التي له عملها بغير إذن رب المال: ما كان من عمل التجار عادةً، فيرجع في المضاربة إلى عرف التجار، ومن ذلك عدم المضاربة إلا بإذنه، لذا وقع اتفاق الفقهاء من المذاهب الأربعة على المنع إذا لم يأذن (٣).

تنبيه:

إذا ضارب المضارب برأس المال فما حكمه من حيث الضمان؟ ولمن يكون الربح؟

الأصل في المضارب أن يده يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط (٤)، فإذا ضارب


(١) الشرح الكبير ١٤/ ٩٤.
(٢) المضاربة للماوردي (الحاوي) ص ١٩٩، الشرح الكبير ١٤/ ٩٤.
(٣) حاشية ابن عابدين (التكملة) ١٢/ ٣٦٦.
(٤) بدائع الصنائع ٦/ ١٣٧، الفواكه الدواني ٢/ ١٩٢، المهذب ١٦/ ١٠٠، كشاف القناع ٨/ ٥٢٤، تقرير القواعد ١/ ٣٢٣.

<<  <   >  >>