للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: يجوز مطلقًا، عزاه ابن قدامة وتبعه الشارح لأكثر الفقهاء (١)، وجعله بعض الباحثين (٢) مقتضى مذهب الحنفية والشافعية (٣)؛ لأنهم نصوا على تقبل مالين من اثنين، ولكن ليس في هذا تقدم أحدهما على الآخر، كما في صورة المسألة.

القول الثاني: لا يجوز ذلك، وهو مذهب المالكية (٤) والحنابلة (٥).

القول الثالث: أنه متى اشترط النفقة على رب المال لم يجز وإلم يتضرر، وهي رواية عن الإمام أحمد، نقل الأثرم عنه قوله: إذا اشترط النفقة صار أجيرًا له، فلايضارب لغيره. قيل: فإن كانت لا تشغله؟ قال: لا يعجبني لابد من شغل (٦). قال في "الفائق": (ولو شرط النفقة لم يأخذ لغيره مضاربة، وإلم يتضرر، نص عليه) (٧).

الأدلة:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: أن المضاربة عقدٌ لا يملك به منافعه كلها، فلم يمنع المضاربة كما لو لم يكن فيه ضرر (٨).

المناقشة: أن الضرر وصف مؤثر في الحكم، فلايستوى حال وجوده بحال عدمه.

الدليل الثاني: أن المضاربة عقد لا يملك به منافعه كلها، فلم يمنع المضاربة، كالأجير المشترك (٩).

دليل القول الثاني: أن المضاربة قائمة على الحظ والنماء فإذا فعل ما يمنعه لم يجز، كما لو أراد التصرف بالعين (١٠).

دليل القول الثالث: يمكن أن يُستدل له بأنه إذا أعطاه النفقة أصبح كالأجير الخاص، وقته مملوك لرب المال.


(١) المغني ٧/ ١٦٠، الشرح الكبير ١٤/ ٩٦.
(٢) المضاربة في الشريعة الإسلامية ص ١٢٤،١٢٦، عقد المضاربة ص ٢٢٦.
(٣) قلت: ينظر فيه العناية مع نتائج الأفكار ٧/ ٦٢، حاشية ابن عابدين (التكملة) ١٢/ ٣٩٩، نهاية المطلب ٧/ ٥٤٣، مغني المحتاج ٢/ ٤٠٦.
(٤) المدونة ٦/ ٣١، مواهب الجليل ٧/ ٤٥٦ - ٤٥٧.
(٥) الإنصاف ١٤/ ٩٦، هداية الراغب ٣/ ٣٤.
(٦) المغني ٧/ ١٦١، الفروع ٧/ ٩١، الإنصاف ١٤/ ٩٦ - ٩٧.
(٧) الإنصاف ١٤/ ٩٧.
(٨) المغني ٧/ ١٦٠.
(٩) الشرح الكبير ١٤/ ٩٦.
(١٠) هداية الراغب ٣/ ٣٤.

<<  <   >  >>