للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح

الراجح جواز مضاربة المضارب بتقبل رأس المال من أجنبي إلا إذا ترتب عليه ضرر، كأن يكون رأس مال الأول كثيرًا متى اشتغل عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته.

أسباب الترجيح:

١. الجواز؛ لأنه محل اتفاق.

٢. المنع في صورة الضرر؛ لأن قاعدة الشريعة المستقرة رفع الضرر وإزالته ودفعه وتقليله.

٣. أن الأسبق أحق، فإذا كان سيتضرر فلا سبيل عليه.

تنبيهان:

الأول: على القول بالمنع لو خالف وضارب ففيه قولان عند الحنابلة:

القول الأول: نأخذ نصيب العامل من المضاربة الثانية ونضيفه إلى أرباح المضاربة الأولى ويتقاسمه مع رب المال حسب ما اتفقا عليه، هذا هو المذهب، وهو من المفردات (١).

القول الثاني: أنه لا حق لرب المال في ربح المضاربة الثانية، وتعدي العامل إنما هو بترك العمل وهذا لا يوُجب عوضًا، ولأنها ليست من ماله فلا تحلّ له، وممن اختاره ابن رزين (٢) وابن قدامة (٣) وأبو العباس ابن تيمية (٤) وتلميذه ابن قاضي الجبل (٥) وعبد الرحمن الضرير صاحب "الحاوي الصغير" (٦).

الثاني: من الصور المعاصرة لمضاربة المضارب: المضاربة المشتركة، وهي أن يعهد مستثمرون إلى شخص طبيعي أو معنوي باستثمار أموالهم، فالأصل فيها أنها من مضاربة المضارب بتقبل رأس المال من عددٍ، فالمستثمرون: أرباب المال، والمتعهد كالمصارف أو المؤسسات المالية: العامل، وفي بعض صورها يجمع بين مضاربة المضارب بنوعيها: مضاربة المضارب بتقبل رأس المال من عدد، ومضاربة المضارب بدفع رأس المال، وذلك إذا قام العامل بدفع رأس المال لطرف ثالث؛ لأن المصارف لا تباشر


(١) المغني ٧/ ١٦١، الإنصاف ١٤/ ٩٦ - ٩٧، الفروع ٧/ ٩١.
(٢) الإنصاف ١٤/ ٩٨.
(٣) المغني ٧/ ١٦٠، الشرح الكبير مع الإنصاف ١٤/ ٩٨.
(٤) الإنصاف ١٤/ ٩٨، الفروع ٧/ ٩٠.
(٥) الإنصاف ١٤/ ٩٨.
(٦) ص ٣٥٦.

<<  <   >  >>