فالآن احمد ما كنا لعهدكم ... سلوتم وبقينا نحن عشاقا
وقال يمدح المعتضد:
أما في نسيم الريح معرق ... لناهل لذات الوقف بالجزع موقف
فنقضي أوطار المنى من زيارة ... لنا كلف منها بما نتكلف
ضمان علينا أن تزار ودونها ... رقاق الظبى والسمهري المثقف
وقوم عدىً يبدون عن صفحاتهم ... وازهرها من ظلمة الحقد اكلف
يودون لو يثني الوعيد زماعنا ... وهيهات ريح الشرق من ذاك أعصف
كفانا من الوصل التحية خلسة ... فيومئ طرف أو بنان مطرف
واني ليستهويني البرق صبوة ... إلى برق ثغر أن بدا كاد يخطف
وما ولعي بالراح إلا توهماً ... لظلم لها كالراح لو يترشف
وتذكرني العقد المرن جمانه ... مرنات ورق في ذرى الأيك تهتف
فما قبل من أهوى البدر هودج ... ولا صان ريم القفر خدر مسجف
ولا قبل عباد حوى البحر مجلس ... ولا حمل الطود المعظم رفرف
هو الملك الجعد الذي في ظلاله ... تكف صروف الحادثات وتصرف
رويته في الحادث الإد لحظة ... وتوقيعه الجالي دجا الخطب أحرف
طلاقة وجه في مضاء كمثل ما ... يروق فرند السيف والحد مرهف
على السيف من تلك الشهامة ميسم ... وفي الروض من تلك الطلاقة زخرف
ولما قضينا ما عنانا أداؤه ... وكل بما يرضيك داع فملحف
أظن الأعادي أن حزمك نائم ... لقد تعد الفسل الظنون فتخلف
رأيناك في أعلى المصلى كأنما ... تطلع من محراب داود يوسف
ولما حضرنا الأذن والدهر خادم ... تشير فيمضي والقضاء مصرف
وصلنا فقبلنا الندى منك في يد ... بها يتلف المال الجسيم ويخلف
لك الخير أني لي بشكرك نهضة ... وكيف أؤدي شكر ما أنت مسلف
أفدت بهيم الحال مني غرة ... يقابلها طرف الحسود فيطرف
ولولاك لم يسهل من الدهر جانب ... ولا ذل مقتاد ولا لان معطف
ولما مات المعتضد رثاه وذكر إكرام المعتمد له وبره فقال:
أعباد يا أوفى الملوك لقد سطا ... عليك زمان من سجيته الغدر
فهلا عداه أم علياك حلية ... وذكرك في أردان أيامه عطر
أأنفس نفس في الورى أقصد الردى ... وأخطر علق للندى أفقد الدهر
إذا الموت أضحى قصر كل معمر ... فان سواء طال أو قصر العمر
ومنها:
فهل علم المقدس إنني ... مسوغ حال ضل في كنهها الفكر
وان متابي لم يضعه محمد ... خليفتك العدل الرضى وابنك البر
وأرغم في بري انوف عصابة ... لقاؤهم جهم ومنظرهم شزر
إذا ما استوى في الدست عاقد حبوة ... وقام سماط حافل فلي الصدر
وله بعد فراره من سجن أبي الحزم ابن جهور وقد أقام بقرطبة متواريا ويخاطب الأديب أبا بكر له عند أبي الحزم:
شحطنا وما الدار نأي ولا شحط ... وشط بمن نهوى المزار وما شطوا
أأحبابنا ألوت بادث عهدنا ... حوادث لا عقد عليها ولا شرط
لعمركم أن الزمان الذي قضى ... بشت جميع الشمل منا لمشتط
واما الكرى مذ لم أزركم فهاجر ... زيارته غب وإلمامه فرط
وما شوق مقتول الجوانح بالصدى ... إلى نطفة زرقاء أضمرها وقط
بأبرح من شوقي إليكم ودون ما ... أدير المنى عنه القتادة والخرط
وفي الربرب الإنسي أهوى كناسه ... نواحي فؤادي لا الكثيب ولا السقط
غريب فنون الحسن ترتاح درعه ... متى ضاق ذرعا بالذي حازه المرط
كأن فؤادي يوم أهوى مودعا ... هوى خافقاً منه بحيث هوى القرط
إذا ما كتاب الوجد أشكل سطره ... فمن زفرتي شكل ومن عبرتي نقط
إلا هل اتى افتيان أن فتاهم ... فريسة من يعدو ونهزة من يسطو
وان الجواد الفائت الشأو صافن ... تخونه شكل وأزرى به ربط
وان الحسام العضب ثاو بجفنه ... وما ذم من غربيه قد ولا قط
عليك أبا بكر بكرت بهمة ... لها الخطر العالي وان نالها حط
أبي بعدما هيل التراب على أبي ... ورهطي فذاً حين لم يبق لي رهط
لك النعمة الخضراء تندى ظلالها ... علي ولا جحد لدي ولا غمط