للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فخيل لي أن السماوات أطبقت ... علي وأبصرت الكواكب في الظهر

وقمت كجدي ندَّ من يد ذابح ... وقد بلغت سكينة ثغرة النحر

يطوحني نزف الدماء كأنني ... نزيف طلا مالت به نشوة الخمر

فمن لامرئٍ لا يلبس الوشي قد غدا ... وراح موشى الجيب بالنقط الحمر

ووافيت بيتي ما رآني امرؤٌ ولم ... يقل أو هذا جاء من ملتقى الكر؟

فها هو قد أبقى بوجهي علامة ... كما اعترضت في الطرس إعرابه الكسر

فإن يحم شيئاً من محياي أثرها ... بمقدار أخذ المحو من صفحة البدر

فلا غرو بالبيض الرقاق إذا لها ... على العنق ما لاحت به سمة الأثر

وقل بعد هذا للبسيطية أفخري ... على سائر الشجعان بالفتكة البكر

وقل للظبا مهلاً إليك عن الطلى ... وللسمر لا تهززن يوماً إلى صدر

فلو هم غير الحوت بي لتواثبت ... رجال يخوضون الحمام إلى نصري

فأما إذا ما عزَّ ذاك ولم يكن ... لإدراك ثأري منه ما مد في عمري

فلست بمولى الشعر إن لم أزجه ... بكل شرود الذكر أعدى من العمر

أمر على الأجفان من حادث العمى ... وأبلى على الآذان من عارض الوقر

يخاف على من يركب البحر شرها ... وليس بمأمون على سالك البر

تجوس خلال البحر تطفح تارة ... وترسو رسو الغيض في طلب الدر

تناول منه ما تغالى بسبحة ... وتدرك دون القمر بتدر القعر

لعمر أبي الخطي إن بات ثأرهُ ... لدى غير كفءٍ وهو نادرة العصر

فثأر علي بات عند ملجم ... وأعقبه ثأر الحسين لدى شمر

[شعر]

ماجد بن هاشم قال مؤلف (السلافة) : لما عرضت القصيدة السابقة على الشريف ماجد بن هاشم البحراني، كتب عليها مقرظاً بقوله: أجلت رائد النظر في ألفاظها ومعانيها، وأحللت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها، فوجدتها قرة في عين الإبداع، ومسرة في قلب الاختراع، والحق أحق بالأتباع، فالحمد لله على تجديد معالم الأدب بعد اندراسها، وإزالة وحشتها بإيناسها.

[كتب إلى أهله يتشوق إليهم، وهو محبوس بشيراز قوله]

سلام ينادي جوكم ويراوحه ... ونشر ثناء تنتحيكم روائحه

ولا زال مرفوع الثناء يؤمكم ... على كاهل البرق الشمالي صالحه

أأحبابنا والمرء يا ربما دعا=أخا النأي إن ضاقت عليه منادحه

هل الدهر مدنيني إليكم فمبرد ... لهيب اشتياق يرمض القلب لافحه؟

ومجمع دمع كلما هتفت به ... دواعي هواكم قرح الجفن سافحه

كفى حزناً أني بشيراز مفرد ... أباكر ما يضني الحشا وأرواحه

وفرط هموم لو تضفن يذبلاً ... تضاءل واستعملت عليه أبطاحه

وشوقاً لو استجل سناه أخو الدجى ... لأغناه عن ضوء المصابيح قادحه

غدا وهو عنوان الحوادث فاستوى ... لديه به خافي البداد وواضحه

وأشياء ضاق النظم عنها وبعضها ... يلوذ بظل الاستقالة جارحه

أحن فلا ألقى سوى هاتف الضحى ... يطارحني شكوى النوى وأطارحه

يقطع أناء النهار بنوحه ... إلى أن يرى وجه الظلام يصافحه

وإن له بعد الهدو لعولةً ... وأجزى وأشجى النوح مالح نائحه

شكى وحشتي سجن ونأي فأجرشت ... له رقة مما يجن جوارحه

يكاد إذا هز الجناح فخانه ... تغص بترجيع الحنين جوانحه

خلا أنه ذو رفقةٍ فمتى دعا ... تجبه على قرب المكان صوادحه

وإني إذا ما اشتقتكم حال دونكم ... ودوني غيلان الفلا وصحاصحه

وملتطم الأَمواج ما عبثت به ... يد الريح إلا وامتطى النجم طافحه

على أنه في السجن أرغد عيشة ... ولا يستوي داني القرين ونازحه

يشنُّ علي البعد غارات جوره ... وتهتف بي من كل فج صوائحه

له الغلب فليثن الأعنة مبقياً ... عليَّ فما عندي جنود تكافحه

ولا المفرد العاني يهز رماحه ... لطعن ولا تنضى لضرب صفائحه

سقى جد حفص البيض سحاً ولو سما ... لها الدمع أغناها عن الغيث راشحه

ولا زال خفاق النسيم إذا سرى ... عليلاً يماسي جوها ويصابحه

بلاد أقام القلب فيها ولم يزل ... وإن طمحت بالجسم عنها طوامحه

<<  <   >  >>