للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما كان لي لولا ملالك زلة ... لما مللت زعمت أني مذنب

خذ في أفانين الصدود فان لي ... قلباً على العلات لا يتقلب

أتظنني اضمرت بعدك سلوة ... هيهات عطفك من سلوي أقرب

لي فيك نار جوانح لا تنطفي ... حزنا وماء مدامع لا تنضب

أنسيت أياماً لنا ولياليا ... للهو فيها والبطالة ملعب

أيام لا الواشي يعد ضلالةً ... ولهى عليك ولا العذول يؤنب

قد كنت تنصفني بالمودة راكباً ... في الحب من اخطاره ما اركب

واليوم أقنع أن يمر بمضجعي ... في النوم طيف خيالك المتأوب

ما خلت أن جديد أيام الصبا ... يبلى ولا ثوب الشبيبة يسلب

حتى انجلى ليل الغواية واهتدى ... ساري الدجى وانجاب ذاك الغيهب

قالت وريعت من بياض مفارقي ... ونحول جسمي بان منك الأطيب

أن تنقمي سقمي فحصرك ناحل ... أو تنكري شيبي فثغرك أشنب

وقال أيضاً يتوجع بصره، ويذكرجزع زوجته من ذلك:

وباكية لم تبك فقراً ولا رمى ... بجيرتها الأدنين نأي مطوح

رمتهايد الأقدار في ليث غابها ... بحادث خطب والحوادث تفدح

رأت جللاً لا الصبر يجمل بالفتى ... على مثله يوماً ولا الحزن يقبح

فلا غرو أن تبكي الدماء لكاسب ... لها كان يسعى في البلاد ويكدح

عزيز عليها أن تراني جاثماً ... ومالي في الأرض البسيطة مسرح

وان لا أقود العيس تنفخ في البرى ... وجرد المذاكي في الأعنة تمرح

أظل حبيساً في قرارة منزل ... رهين أسى أمسي عليه وأصبح

مقامي منه مظلم الجو قاتم ... ومسعاي ضنك وهو صحمان أفيح

أقاد به قود الجنيبة مسمحاً ... وما كنت لولا ما قضى الله أسمح

كأمي ميت لا ضريح لجنبه ... وما كل ميت لا أبا لك يضرح

وها أنا لا قلبي يراع لفائت ... فيأسى ولا يلهيه حظ فيفرج

فلله نصل فل مني غراره ... وعود شباب عاد وهو مصوح

وسقياً لأيام ركبت بها الهوى ... جموداً ومثلي في هوى الغي يجمح

وماضي صبا قضيت منه لبانة ... خلاساً وعين الدهر زرقاء تلمح

ليلي عندي للغواني مكانة ... فالحاظها ترنو إلي وتلمح

وليلى بها أضعاف ما بي من الهوى ... أعرض بالشكوى لها فتصرح

وله أيضاً يمدح يوسف بن أيوب صاحب الديار المصرية:

أهلا بطلعة غادة ... فضح الدجى بضيائها

سمح الزمان بوصلها ... فدنت على عدوائها

باتت تعاطيني المدا ... م وكنت من اكفائها

فسكرت من ألحاظها ... وغنيت عن صهبائها

بيضاء قتلي دأبها ... في نأيها ونوائها

فإذا دنت بجفونها ... وإذا نأت بجفائها

لا تلتقي أبداً موا ... عدها بيوم وفائها

الشمس من ضراتها ... والبدر من رقبائها

والصبح فوق لثامها ... والليل تحت ردائها

مضرية تنمى إذا ... نسبت إلى حمرائها

بانت وأطراف الرماح ... تجول حول خبائها

فالموت دون فراقها ... والموت دون لقائها

ولقد مررت بربعها ... بعد النوى وفنائها

والعين في الاطلال با ... كية على أطلالها

فوققت أنشد في مطا ... لعها بدر سمائها

وبكيت حتى كدت أع ... طف بانتي جرعائها

يا موحش اعين التي ... أنست بطول بكائها

غادرت بين جوانحي ... نفساً تموت بدائها

تشتاق عيني أن ترا ... ك وأنت في سودائها

واذ بخلت بنظرة ... سمحت بمجة مائها

فكأنها كف الخلي ... فة اسبلت بعطائها

وبعد هذا شرع في المديح وأجاد: ويليه الاختيار من شعر الظافر بن القائم المعروف بالحداد.

[شعر]

الظافر بن القائم (الحداد) فمن ذلك قوله وهو في غاية الرقة:

لو كان بالصبر الجميل ملاذه ... ما سح وابل دمعه ورذاذه

ما زال جيش الحب يغزو قلبه ... حتى وهي وتقطعت أفلاذه

لم يبق منه مع الغرام بقية ... إلا رسيس يحتويه جذاذه

من كان يرغب في السلامة فليكن ... أبداً من الحدق المراض عياذه

لا تخدعنك بالفتور فإنه ... نظر يضر بقلبك استلذاذه

<<  <   >  >>