للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعهدي بها إذ ناقضُ العهد بدرُها ... مراحُ الهوى فيها ومرحه الخصب

مؤزرة من صنعةِ الوبل والندى ... بوشي ولا وشي وعصب ولا عصبُ

تردد في آرامها الحسنُ فاغتدت ... قرارةً من يُصبي ونجعةً من يصبو

سوا كنُ في برٍّ كما سكنَ الدمى ... نوافرُ من سوء كما نفرَ السرب

كواعبُ أتراب لغيداءَ أصبحت ... وليس لها في الحسن شكل ولا ترب

لها منظرٌ قيدُ النواظر لم يزل ... يروح ويغدو في خُفارته الحبُ

تظل سراة القوم مثنى وموحداً ... نشاوى بعينها كأنهمُ شرب

إلى خالدٍ راحت بنا أرحبية ... مرافقها من عن كراكرها نِكُب

جرى النَّجَدُ الأحوى عليها فأصبحتْ ... من السير ورُقاً وهي في نجدها صُهب

إلى ملكٍ لولا سجالُ نواله ... لما كان للمعروفِ نقي ولا شخب

من البيضِ محجوبٌ عن السوء والخنا ... ولا تحجبُ الأنواء من كفه الحجب

مصون المعالي لا يزيد أذاله ... ولا مزيدٌ ولا شريكٌ ولا الصُلب

وأشباه بُكر المجد بكرُ بن وائل ... وقاسطُ عدنانٍ وأنجبه هِنبُ

مضوا وهمُ أوتاد نجد وأرضها ... يرونَ عظاماً كلما عظم الخطب

وما كان بين الهضب فرق وبينهم ... سوى أنهم زالوا ولم يزل الهضب

لهم نسب كالفجر ما فيه مسلك ... خفي ولا واد عنود ولا شعب

هو الإضحيان الطلق رفَّت فروعه ... فطاب الثرى من تحته وزكى التراب

إلى أن قال:

فما دب إلا في بيوتهم الندى ... ولم ترب في إلا في جحورهم الحرب

أولاك بنو الأحساب لولا فعالهم ... درجن فلم يوجد لمكرمة عقب

لهم يوم ذي قار مضى وهو مفردٌ ... وحيد من الأشباه ليس له صحب

به علمت صهب الأعاجم أنه ... به أعربت عن ذات أنفسها العرب

هو المشهد الفصل الذي ما نجابه ... لكسرى لا سنام ولا صلب

إلى أن قال:

رددت أديم الغزو أملس بعدما ... غدا ولياليه وأيامه جرب

بكل فتى ضرب يعرض للقنا ... محياً محلَّى حليه الطعن والضرب

ومنها:

بجودك تبيض الخطوب إذا دجت ... وترجع عن ألوانها الحجج الشهب

هو المركب المدني إلى كل سؤدد ... وعلياء إلا أنه المركب الصعب

إذا سبب أمسى كهاماً لدى امرئٍ ... أجاب رجائي عندك السبب العضب

وسيارة في الأرض ليس بنازحٍ ... على وخدها حزن سحيق ولا سهب

تذرُّ ذرور الشمس في كل بلدة ... وتمسي جَموحاً ما يُرد لها غرب

عَذارى قواف كنت غير مدافع ... أبا عذرها لا ظلم منك ولا غصب

إذا أنشدت في القوم ظلت كأنها ... مسرة كبر أو تداخلها عجب

مفصلةٌ باللؤلؤ المنتقى لها ... من الشعر إلا أنه اللؤلؤ الرطب

[وقال يمدح أبا دلف لقاسم بن عيسى العجلي، وهي من عيون القصائد]

على مثلها من أربع وملاعب ... أذيلت مصونات الدموع الواكب

أقول لقرُحان من البين لم يضف ... رسيس الهوى بين الحشا والترائب

أَعني أفرِّق شمل دمعي فإنني ... أرى الشمل منهم ليس بالمتقارب

فما صار في ذا اليوم عذلك كله ... عدوي حتى صار جهلك صاحبي

وما بك إركابي من الرشد مركباً ... ألا إنما حاولت رشد الركائب

فكلني إلى شوقي وسريرِ الهوى ... إلى حرقاتي بالدموع السوارب

أميدان لهوي من أتاح لك البلى ... فأصبحت ميدان الصبا والجنائب

أصابتك أبكار الخطوب فشتت ... هواي بأبكار اظباء الكواعب

وركب يساقون الركاب زجاجة ... من السير لم تقصد لها كفُّ قاطب

فقد أكلوا منها الغوارب بالسُّرى ... وصارت لها أشباحهم كالغوارب

يصرف مسراها جذيل مشارق ... إذا آبه همُّ عذيق مغارب

يرى بالكعاب الرود طلعة ثائر ... وبالعرمس الوجناء غرة آيب

كأن به ضغناً على كل جانب ... من الأرض او شوقاً إلى كل جانب

إذا العيس لاقت بي أبادلف فقد ... تقطع ما بيني وبين النوائب

هنالك تلقى المجد حيث تقطعت ... تمائمه والجود مرخي الذوائب

تكاد عطاياه يجنُّ جنونها ... إذا لم يعوذها بنغمة طالب

<<  <   >  >>