أبرزتها فتحاصرنا مباعدة ... من الخيام نعفي الخطو بالأرز
ثم انثنيت ولم أدنس سوى عبق ... على جيوبي لريا بردها العطر
لا أغفل المزن أرضاً ينزلون بها ... ولا طوى عنهم مستعذب المطر
جر النسيم على أعطاف دارهم ... ذيلاً وألبسها من رقة السحر
وما بكائي على خل فجعت به ... إلا لكل فتى كالصارم الذكر
ما حاربوا الدهر إلا لان جانبه ... أن المشيع أولى الناس بالظفر
يا للرجال دعاء لا يشار به ... إلا إلى غرض بالذل والحذر
ردوا الرحيل فإن القلب مرتحل ... وسافروا أن دمع العين في سفر
ويوم ضجت ثنايا بابل ومشت ... بالخيل في خلع الأوضاع والغرر
قمنا نحلي وراء اللثم كل فتى ... كأن حليته من صفحة القمر
إني لأمنح قوماً لا أزورهم ... مج القا من دم الأوداج والثغر
طعناً كما صبح الغدران ممتحن ... رمى فشتت شمل الماء بالحجر
وجاهل نال من عرضي بلا سبب ... أمسكت عنه بلاعي ولا حصر
حمته مني المخازي أن أعاقبه ... كذاك تحمى لحوم الذوذ بالدبر
ومهمه كشفار البيض مطرد ... بالآل عار من الأعلام والخمر
إذا تدلت عليه الشمس لأوحشها ... تلمع المور بالأنهار والغدر
غصصت تربته بالعيش مالكة ... على النجاء رقاب الورد والصدر
أطوي البلاد إلى ما أذل به ... من البلاد وما أطوي على خطر
مجاهلاً ما أظن الذئب يعرفها ... ولا مشى قائف فيها على أثر
ينسى بها اليقظ المقدام حاجته ... ويصبح المرء فيها ميت الخبر
لا تبعدن أماني التي نشزت ... على الزمان بالإدلاج والبكر
يا ابن النبي مقالاً لا خفاء به ... وأحسن القول فينا قول مختصر
رأيت كفك مأوى كل مكرمة ... إذا تواصت أكف القوم بالعسر
لطاب فرعك واهتزت أراكته ... في المجد إن المعالي أطيب الشجر
ما كل نسل الفتى تركوا مغارسه ... قد يفجع العود بالأوراق والثمر
إن الرماح وإن طالت ذوائبها ... من العدى تتواصى عنك بالقصر
تسل منك الليالي سيف ملحمة ... يستنهض الموت بين البيض والسمر
مشيع الرأي أن كرت أسنته ... جرى القنا بين منآد ومنأطر
فاسلم إذا نكب المركوب راكبه ... وأستأسد الدهر بالأقدار والعين
تم الاختيار من شعر الشريف الرضي وأخباره، ويليه الاختيار من شعر البهاء زهير.
[شعر]
البهاء زهير هو الوزير بهاء الدين أبو الفضل، زهير بن محمد بن علي بن يحيى ابن الحسين بن جعفر بن منصور المهلبي الصالحي، الفاتكي، المصري، الأزردي، رحمه الله تعالى آمين فمن قوله: وكتب بها إلى الوزير فخر الدين أبي الفتح عبد الله بن قاضي داريا يشكو إليه سوء أدب غلمانه:
سواك الذي ودي لديه مضيع ... وغيرك من سعيي إليه مخيب
ووالله ما آتيك إلا محبة ... وإني في أهل ألفضيلة أرغب
أبث لك الشكر الذي طاب نشره ... وأطري بما أثني عليك وأطرب
فما ألقى دون بابك جفوة ... لغيرك تعزى لا إليك وتنسب
أرد برد الباب إن جئت زائراً ... فياليت شعري أين أهل ومرحب؟
ولست بأوقات الزيارة جاهلاً ... ولا أنا ممن قربه يتجنب
وقد ذكروا في خادم المرء أنه ... بما كان من آدابه يتأدب
فهلا سرت منك اللطافة فيهم ... وأعدتهم آدابها فتأدبوا
ويصعب عندي حالة ما ألفتها ... على أن بعدي عن جنابك أصعب
وأمسك نفسي عن لقائك كارها ... ((أغالب فيك الشوق والشوق أغلب))
وأغضب للفضل الذي أنت ربه ... لأجلك لا أني لنفسي أغضب
وآنف إما عزة منك نلتها ... وإما لإدلال به أتعب
وإن كنت ما اعتداها فيك زلة ... فحسبي بها من خجلة حين أذهب
وقال في جواب كتاب ورد إليه من بعض أحبابه:
رسول الرضى أهلاً وسهلاً ومرحباً ... حديثك ما أحلاه عندي وأطيبا
ويا مهدايا ممن أحب سلامه ... عليك سلام الله ما هبت الصبا
ويا محسناً قد جاء من عند محسن ... ويا طيبا أهدى من القول طيبا