واستعظم الوجد صبري حين باعدني ... وسام للقلب سلواناً فما عطفا
معذبي والليالي بالهوى سلفت ... وخمر ثغر رشفناه فكان شفا
ما لذ جفني بنوم من بعدكم ... كلا وداعي الكرى بالطرف ما هدفا
لكنني والهوى قد بت ذا قلق ... أساجع الورق نوحاً كلما هتفا
هيهات ما كل ذي عشق أخي تلف ... كلا ولا كل حب بالغرام وفى
ومن غزلياته قوله:
يا مي يا ظبية وادي اللوى ... هواك لم يترك بقلبي هوى
يا هل ترى لاقيت مثل الذي ... لاقى معناك غداة النوى
أبيت أرى النجم ذا مهجة ... أضرم فيها الشوق نار الجوى
آها من البين ولوعته ... لولا النوى لم تلق صباً ثوى
واهاً لأيام مضت ذكرها ... ينشر وجداً في فؤادي انطوى
في ذمة الله حبيب إذا ... ما غاب عن عيني بقلبي ثوى
ذو قامة كالغصن مياسة ... من فوقها بدر الجمال استوى
أفديه دون الناس من شادن ... هاروت عن أجفانه قد روى
بدر إذا أسفر ريم إذا ... دنا رديني إذا ما التوى
مولع بالتيه لا يرعوي ... وخاطري عن حبه ما ارعوى
يا قمراً فارقه حبه ... ومن حميا ثغره ما ارتوى
وجؤذر يشتاق ناظري ... وإن يكن قلبي عليه احتوى
من سقم عينيك سقامي ومن ... نيران خديك فؤادي اكتوى
جد واردد النوم على مقلة ... ما سهرت قط بحب السوى
وابعث خيالاً منك يرتادني ... إذ علتي منك وأنت الدوا
وقوله:
ظبي بلبنان قد سلت لواحظه ... للعاشقين سيوف الغنج والحور
مورد الخد ساجي الطرف مبتسم ... عن الحباب وعن طلع وعن درر
في ذمة الله ذاك الريم إن له ... بين الجوانح عهداً غير مندثر
أفديه من قمر كم بن أرصده ... شوقاً له وهو في سمعي وفي بصري
لو لم يكن قمراً ضاءت محاسنه ... ما أصبحت داره تعزى إلى قمر
تم الاختيار من شعر بطرس ويليه الاختيار من شعر الرصافي البغدادي
[شعر]
[الرصافي البغدادي]
قال الرصافي البغدادي واسمه معروف:
أما آن أن يغشى البلاد سعودها ... ويذهب عن هذي النيام هجودها
متى يتأتى في القلوب انتباهها ... فينجاب عنها رينها وجمودها
أما أسد يحمي البلاد غضنفر ... فقد عاث فيها في المظالم سيدها
برئت إلى الأحرار من شر أمة ... أسيرة حكام ثقال قيودها
سقى الله أرضاً أمحلت من أمانها ... وقا كان رواد الأمان ترودها
جرى الجور منها في بلاد وسيعة ... فضاقت على الأحرار ذرعاً حدودها
عجبت لقوم يخضعون لدولة ... يسوسهم بالموبقات عميدها
وأعجب من ذا أنهم يرهبونها ... وأموالها منهم ومنهم جنودها
إذا وليت امر البلاد طغاتها ... وساد على القوم السراة مسودها
وصارت لئام الناس تعلو كرامها ... وعاب لبيداً في النشيد بليدها
فما أنت إلا أيها الموت نعمة ... يعز على أهل الحفاظ جحودها
ألا إنما حرية العيش غادة ... منى كل نفس وصلها ووفودها
يضيء دجنات الحياة جبينها ... وتبدو المعالي حيث أتلع جيدها
لقد واصلت قوماً وخلت وراءها ... أناساً تمنوا الموت لولا وعودها
وقد مرضت أرواحنا في انتظارها ... فما ضرها والهتفا لو تعودها
بني وطني ما لي أراكم صبرتم ... على نوب أعيا الحصاة عديدها
أما آدكم حمل الهوان فإنه ... إذا حملته الراسيات يؤودها
قعدتم عن السعي المؤدي إلى العلى ... على حين يزري بالرجال قعودها
لم تأخذوا للأمر يوماً عتاده ... فجاءت أمور ساء فيكم عتيدها
ألم تروا الأقوام بالسعي خلدت ... مآثر يستقصي الزمان خلودها
وساروا كراماً رافلين إلى العلى ... بأثواب عز ليس يبلى جديدها
قد استحوذت يا للخسار عليكم ... شياطين أنس صال فيكم مريدها
وما اتقدت نار الحمية منكم ... لفقد اتحاد فاستطال خمودها
ولولا اتحاد العنصرين لما غدا ... من النار يذكوا لو علمتم وقودها
إذا جاهل منكم مشى نحو سبة ... مشى جمعكم من غير قصد يريدها