أيا أم عبد مالك والتشرد ... ومسراك في الليل البهيم لتبعدي
إلى أن قال:
فقل لمعد لا تغر بسرحها ... فتلقى كماة الحي جنباً بموعد
بسمر العوالي والمواضي ودونها ... ومبيض موضون الحديد المسرد
وأما إجازتك الدخول فحوملاً ... فصبحا فرضا فالسراديح فاعتدي
وسقها إلى نجد يؤمك ليلها ... بنات لنعش والضحى فيه تهتدي
وإن خلأت يوماً لشحط مزارها ... فأبدل بها عيناً بذات التعرد
ودعها من التهجير حتى إذا رأت ... وروداً بماء من صفار فأورد
وأشرف على وادي اليمامة قائلاً ... ودمعك سفاح على الخد والثدي
سلام على عبد العزيز وشيخه ... وتابع رشد للإمام المجدد
دعا الناس دهراً للهدى فأجابه ... فآم فمنهم عالمون ومقتد
وقفا هما حذواً سعود بسيفه ... يميز مجوّد النقود من الردي
وعرج بها ذات اليمين وقد هوت ... على عرصات للرياض بمقصد
وناد بأعلى الصوت بشرى لفيصل ... ومن نسل سادات الملوك مسدد
إليك نظاماً نشره في وقائع ... على جحفل المصري قد شد باليد
فعشرون ألفاً من قضى الله منهم ... فما بين مقتول وعار مجرد
ولم ينج منهم غير قواد قومهم ... على صافنات في قليل معود
كأن أنين المومقين ومن به ... جوارح رمي قاصفات لأغمد
أنين معيز زارها داؤها الذي ... بأكبادها أضنى عليها ليعتدي
أو الساكني الأمصار قد حل فيهم ... عقاص فأصماهم على كل مرقد
أتاهم بها إذ غاب نجم مشعشع ... من الجو في مغرابه نحس أسعد
فكل الذي لاقوه يحسب دون ما ... تعكس من حزم الهمام المعمد
فقل لدليل القوم هلا أفاده ... من العلم أن البغي قتال معتد
ومهما أعادته الأماني لحربنا ... نصبنا لهم أمثالها بالتجدد
ويا قافلاً إما ثنيت زمامها ... وأقبلت ما استدبرته للتعود
فسلم على الأحباب تسليم موجد ... ولا تنس البحتري بالحد
وآخر قولي وابتدائي فيهم ... صلاة وتسليم على خير مرشد
وآل وصحب كلما قال منشد ... أيا أم عبد مالك والتشرد
فلما وصلت إلى بلد الرياض، طلب الإمام فيصل رحمه الله من الشيخ أحمد بن مشرف الإجابة عليها فقال
بشير سعاد جاء نحوك فاسعد ... وقد وعدت وصلاً فأوفت بموعد
لقد عرفت وقت المزار فأقبلت ... إليك وقد نامت عيونٌ لحسد
فجاءت تجر الذيل خشية قائف ... لمعرفة الآثار بالحدس يهتدي
يؤرخ ترب الأرض عرف عبيرها ... وتهدي لسمع الصب وسواس عسجد
أتتك سحيراً والنجوم كأنها ... درارٍ ترى في قبة من زبرجد
فلما حوتها عرصة الدار سلمت ... سلام حبيب زائر ذي تودد
فقر بليل الوصل عيناً فطالما ... تبيت لذكراها بليلة أرمد
فتاة يريك الصبح غرة وجهها ... ويبدو الدجى من شعرها المتجعد
ويخجل غصن البان إن هبت الصبا ... له سحراً من قدها المتميد
يريك ابتساماً لامع البرق ثغرها ... ويسفر عن شهد ودر منضد
وقد جمعت كل المحاسن جملة ... فلم يستطيع تفصيلها من معدد
وفاقت جمالاً كل هيفاء كاعب ... إذا ما مشت ما بين غيد وخرد
فعاصٍ جميع العاذلين ولا تطع ... بها كل واش لائم أو مفند
فلو برزت يوماً لغيلان لم يهم ... بمي ولم يبد القريض لمنشد
ولو لمحت بالطرف طرفة ما بكي ... "لخولة أطلال ببرقة ثهمد"
لقد أصبحت في الغابات فريدة ... كما انفرد الوالي بحزم وسؤدد
حليف المعالي فيصل ناصر الهدى ... مذيق العدى كأس الردى بالمهند
ترى الوفد والأضياف من حول قصره ... عكوفاً كوردِ حومٍ حول مورد
فيصدر كل مدرك ما يرومه ... من الفضل والجدوى ومن كل مقصد
يقضي ببذل المكرمات نهاره ... سماحاً ويحيي ليلهُ بالتجهد
لقد ساد أبناء الزمان وفاقهم ... بعفو وإقدام وكف له ندي
وميراث مجد ناله عن أئمة ... سمواً للعلى حتى استووا فوق فرقد
حنيفة في دينها حنيفة ... فأنسابهم تعزى لأفخر محتد