كم دولة فسدت بآراء العدى ... إذ لاطفوا قاداتها بتحيل
فلرب ذي نصح يضن بنصحه ... ولرب آخر ناصح لم يعقل
فإذا هما اجتمعا لشخص واحد ... فاقبل جميع مقاله لا تهمل
وأسئ ظنونك بالزمان فإنه ... من فطنة اليقظ النبيه الأنبل
ما حسن ظن في الزمان وأهله ... والصدق كالعنقاء غير محصل
وتوكلن على الإله فإنه ... نعم الوكيل لعبده المتوكل
هذي نفائس فكرة قد صغتها ... ببديع نظم كالزلال السلسل
هجرية زفت إليك فعطرت ... نجداً بنفحة عنبر وقرنفل
لا زلت كهفاً للعفاة ومربعاً ... للوافدين وللضيوف النزل
فاجعل جوائزها التجاوز والرضا ... صفحاً وقابلها بحسن تقبل
ثم الصلاة على النبي محمد ... والآل مع صحب هداة كمل
وقال مادحاً للإمام فيصل أيضاً:
على الدوح ما غنى الحمام وغردا ... فجاوبه السدم المعنى وأسعدا
وهيج أشجاناً تقادم عصرها ... وجدد منها دارساً فتجددا
وذكرني داراً لمية قد نأت ... فبت لذكراها بليلة أرمدا
فتاة كأن الشمس غرة وجهها ... ومن شعرها يبدو لك الليل أسودا
ويفضح غصن البان في الميد قدها ... ويحكي لك اللحظ الحسام المهندا
فكم قتلت من عاشقيها بحده ... وكم قد حمت من سلسل الثغر موردا
ولو أنها كانت بأرض قريبة ... لآب إليها صبها وتوددا
ولكنها بالصد والبعد قد نأت ... فلله ما أقصى المزار وأبعدا
فمن مسعدي من مبلغي لوصالها ... سوى ماجد قد حاز فخراً وسؤددا
أخو همة في سالف العز قد علت ... فمن مثله في الفضل والبأس والندى؟
أبو المجد وابن المجد والمجد أصله ... حليف العلى من كان في الفضل أوحدا
إمام همام باسل باذخ العلى ... له بسطة فضل وفضل على العدى
فأكرم به فرعاً سلالة مقرن ... وآباؤه الغر الكرام أولو الهدى
لقد نصروا دين الإله وقوموا ... من السنة الغراء ما قد تأودا
هو الأسد الضرغام والضيغم الذي ... إذا ريم خسفاً وجهه ظل أربدا
لقد أمن الله البلاد وأهلها ... بوطأته الأعداء من كل ملحدا
وأصبح بالمعروف بأمر أهلها ... وينهاهم عن سائر الظلم والردى
وأنصف للمظلوم من كل ظالم ... وللحق أضحى ناصراً ومؤيدا
أيا ملكاً تاج الملوك حذاؤه ... وهمته في الدهر تحكي مهندا
عليك بتقوى الله سراً وجهرة ... ففيها جميع الخير حقاً تأكدا
وخذ بيد المظلوم قد حق نصره ... ولا تترك الباغي معيثاً ومفسدا
وكن حافظاً لله فيما رعيته ... وناصحهم بالفعل والقول جاهدا
لتجزى من الله الكريم بفضله ... بمقعد صدق في الجنان مخلدا
كما حزت في الدنيا جميع فخارها ... فحز فضل أُخراها لتبقى مؤيدا
فتلك جميع المكرمات حويتها ... فقدمت فخراً في المعالي مقلدا
وحق لمن حاز المروءة والسخا ... وفي الحلم أَضحى فائقاً أن يسودا
إذا نظر الراجي سجاياه قال ذا ... أبو دلف قد كان بالجود أجودا
فيا من سما هام المكارم والعلى ... وأتهم في نيل العلى وأنجدا
تعودت بسط الكف طوعاً وإنما ... "لكل امرئ من دهره ما تعودا"
لقد أوجفت قصداً إليك مطيتي ... واعملت نص اليعملات جواهدا
لأبلغ من جدواك م قد رجوته ... كما كنت للعافين مأوى وموردا
فكم كف عني فيصل الجود من أذى ... وكم نالني من فيض معروفه ندى
جزاه إله العرش عني بفضله ... وبوأه في جنة الخلد مقعدا
وأنت ابن تركي كنت ظلاً وملجأً ... وغيثاً عميقاً في الشدائد مرفدا
فلا زلت ألطاف الإله محفة ... بطلعتك الغرا ولا زلت منجدا
وصلى إله العالمين مسلماً ... على خير مبعوث إلى الخلق بالهدى
محمد الهادي الشفيع وآله ... كذا الصحب ما غنى الحمام وغردا
وقد وردت من الأمير عائض، صاحب عسير قصيدة تتضمن البشارة للإمام فيصل بانتصاره على العسكر المصري. وذكر فيها قائلها عدة وقائع بينهم وبين الجند المصري وأولها: