أشتاق من ساكني ذاك الحمى خيماً ... لأجلها زاد شوقي في الحشا ونما
ولاعج البين والتبريج من كمد ... أجرى من العين دمعاً يخجل الديما
ولا طربت إلا نظم القريض ولا ... عليّ بالوجد سلطان الهوى حكمها
نفسي الفداء لظبي وجهه قمر ... وبرجه في سما قلبي العميد سما
يصمي فؤادي بنبل من لوا حظه ... عن قوس حاجبه مهما رنى ورمى
في ثغره الدر منظوماً فيالك من ... ثغر شنيب يريك الدر منتظما
جل الذي صاغه بدراً على غصن ... على كثيب وأبداه لنا صنما
لم يكسه الحسن ثوباً من مطارفه ... إلا كسا جسدي من عشقه سقما
وقال أيضاً:
بنشر وادي الغضا نشر النسيم سرى ... فأفهم الصب عن أهل الحمى خبرا
أهي التحية من أهل الخيام إلى ... حليف وجد يقاسي الوجد والسهرا
لكنه جد في وجدي وأذكرني ... تلك الربوع وبان الحي والسمرا
ومنها:
ولي من العرب ظبي ما رأى بصري ... شبهاً له في الورى بدواً ولا حضرا
كالشمس وجهاً وبدر التم مبتسماً ... والظبي جيداً وغصن البان إن خطرا
يمشي الهوينا حذار الكاشحين وقد ... أرخى الستور ظلام الليل واعتكرا
قبلت مبسمه عشراً على عجل ... فقام عني إلى التوديع مبتدرا
فكدت أشربه لثماً وأهصره ... ضماً وأثني عناقاً قده النضرا
[شعر]
المرهبي اليمني ومن رجال (السلافة) بدر الدين محمد بن سليمان أبو فاضل المرهبي اليمني، قال في حقه: أحد فضلاء اليمن، وواحد أدباء الزمن، إن نثر أزرى بزهر المروج، وأوفى على زهر البروج، وإن نظم أخجل جواهر العقود، وفعل بالألباب فغل ابنة العنقود، وكلامه يطرب بالأسماع، ويأخذ بمجامع القلوب والأسماع، وقفت له على نثر أتبعه بنظم في رسالة كتبها إلى جمال الإسلام والمسلمين علي بن المتوكل على الله أمير المؤمنين، وقد ذكر المصنف الرسالة بطولها، فأضربت عن نقلها مراعاة للاختصار وأما النظم الذي اتبعه به النثر فهو قوله وهي من غرر القصائد وفائق الشعر:
أما آن أن ترقى الجفون السواجم ... وتقصر هاتيك القلوب الهوائم
إلى الله حتى البرق أعداه رقة ... نحولي واعتلت لجسمي النسائم
وقد سمعت زهر النجوم دعايتي ... وملت مناجاتي لهن الحمائم
ومن حر ما ألقاه من مهيع الصبا ... غدت نسمات الحي وهي سمائم
وقد أذهبت لوني يد الشوق واكتسى ... أصيل الحمى من صفرتي وهو نائم
فلولا بكائي في المعاهد سحرة ... لما سمعت للطير فيها مآتم
وكم يستمد القيظ من حر جوانحي ... تنم بما وارته مني الحيازم
فحتام قلبي في الصبابة هائم ... وإنسان عيني في المدامع عائم؟
خليلي كم أخفي الهوى وتذيعه ... جفون مساعي الدمع فيها النمائم
ولم أر مثل القلب عوناً على الهوى ... تشب به نار الجوى وهو كاتم
وفي كبدي من حب أسما جراحة تعز على الآسي فيها المراهم
وإن شفائي ما استدار نطافها ... عليه وما ضمته منه المباسم
ودون لقا أسماء من بأس قومها ... سباسب ما سارت عليها المناسم
ومن ذا على خوض المهالك معدي ... وقد قل في هذا الزمان المسالم؟
أخلاي طراً حاسد ومفند ... وقالً ومغتاب وواشٍ ولائم
سقى تلعات الجزع فالشط فاللوى ... فسفح النقا سار من المزن ساجم
مغان قضت فيها الشبيبة حقها ... سروراً وغصن اللهو ريان ناعم
ولي بين هاتيك المعاهد ظبية ... تبات حواليها الليوث الضراغم
من الهيف نعساء النواظر طفلة ... لها السمر والبيض الرقاق تمائم
تنام فلم يلمم بها الطيف غرة ... بفحش ولم يحلم بها قط حالم
ترى علمت أني بها الدهر مغرم ... وأن فؤادي في الصبابة هائم
وإن قلبي لوعة يستثيرها ... إذا هدأت جنح الظلام الهمائم
لئن درست تلك المعاهد أو عفت ... فلم تعف من شوقي إليها معالم
وإن زماناً قد قضت لي صروفه ... بفرقة هاتيك الديار لظالم
وهل جاز أن ارضى على الدهر أو أرى ... به ضاحكاً والفضل غضبان واجم