فقالت أما منكن من يعرف الفتى ... فقد رابني من طول ما يتشوف
أراه إذا سرنا يسير حذاءنا ... ونوقف أحقاف المطي فيوقف
فقلت لتربيها أبلغاها بإنني ... بها مستهام قالتا نتكلف
وقولاً لها يا أم عمرو أليس ذا ... منى والمنى في خيفة ليس يخلف
تفاءلت في أن تبذلي طارف الوفا ... بأن عن لي منك البنان المطرف
وفي عرفات ما يخبر إنني ... بعارفة من عطف قلبك أسعف
وأما دماء الهدي فهي هدى لنا ... يدوم ورأي في الهوى يتألف
وتقبيل ركن البيت إقباله دولة ... لنا وزمان بالمودة يعطف
فأوصلتا ما قلته فتبسمت ... وقالت أحاديث العيافة زخرف
بعيشي ألم أخبر كما أنه فتى ... على لفظه برد الكلام المفوف
فلا تأمنا ما استطعتما كيد نطقه ... وقولا ستدري أينا اليوم أعيف
إذا كنت ترجو في منى الفوز بالمنى ... ففي الخيف من أعراضنا تتخوف
وقد أنذر الإحرام أن وصالنا ... حرام وأنا عن مزارك نصدف
وهذا وقذفي بالحصى لك مخبر ... بأن النوى بي عن ديارك تقذف
وحاذر نفاري ليلة النفر إنه ... سريع وقل من بالعيافة أعرف
فلم أر مثلينا خليلي مودة ... لكل لسان ذو غرارين مرهف
أما إنه لولا أغن مهفهف ... وأشنب براق وأحور أوطف
لراجع مشتاق ونام مسهد ... وأيقن مرتاب وأقصر مدنف
وعاذلة في بذل ما ملكت يدي ... لراج رجاني دون صحبي تعنف
تقول إذا أفنيت مالك كله ... وأملقت من يعطيكه قلت: يوسف
أغر قضاعي يكاد نواله ... لكثرة ما يدعو إلى الشكر يجحف
إذا نحن أخلفنا مخائل ديمة ... وجد ناحياً معروفة ليس يخلف
سعى وسعى الأملاك في طلب العلى ... ففاز وأكدوا إذ أخف وأوطفوا
ويقظان شاب البطش باللين والتقى ... بكفيه ما يرجى وما يتخوف
حسام على من ناصب الدين مصلت ... وستر على من راقب الله مغدف
يسايره جيشان رأي وفيلق ... ويصحبه سيفان عزم ومرهف
مطل على من شاءه فكأنما ... على حكمه صرف الردى يتصرف
يرى رأيه مالا ترى عين غيره ... ويغري به ما ليس يغري المثقف
رعى الله من ترعى حمى الدين عينه ... ويحمي ربي الإسلام والليل أغضف
ومن وعدة في مسرح الحمد مطلق ... وإنفاذه في ذمة الحلم موقف
ومن يضرب الأعداء هبراص فتنثني ... صناديدهم والبيض باتلهام تقذف
رماهم بمجر ضعضع الأرض رزه ... كان الروابي فيه بالنبل تدلف
كأن الردينيات في رونق الضحى ... أراقم في طام من الىل تزحف
يعود الدجى من بيضه وهو أبيض ... ويبدو الضحى من نقعه وهو أكلف
ويحجب نور الشمس بالنقع عنهم ... ففعل الظبي في هامهم لا يكيف
لهم كل عام منك جاءوك فيلق ... تساءل عنهم بالعوالي فتلحف
إذا ما طووا كشحاً على قرح عامهم ... وبلوا من الآلام أنشأت تعرف
فكم من أغم الوجه غاو تركته ... وهاديه من عثنون لحييه أكثف
هو المقضب الماضي بمهواه فأنثني ... صريعاً تراه حبتراً وهو أسقف
لعمري لقد عاديت في الله طالباً ... رضاه وقد أبليت ما الله يعرف
وطالبتهم في الأهل حتى تركتهم ... فرادى وفي الأديان حتى تحنفوا
فيا ثقة الملك الذي لك سهمه ... يراش لأكباد الأعادي ويرصف
هنيئاً لك العيد الذي منك حسنة ... يروق ومن أوصافك الغر يوصف
بدا معلم الأرجاء يزهى كأنما ... على عطفه وشي العراق المسقف
أتى بعد حول زائراً عن تشوق ... وقد كان ذا شوق للقياك يطرف
فطوقته عزاً وشنفته به ... فلاح لنا وهو الأغر المشنف
وقابله بالسعد نجلك جعفر ... فيا لك من عيد بملكين تتحف
فلا زلت تستجدي فتولي وترتجى ... فتكفي وتستدعي لخطب فتكشف
تم الاختيار من شعر التنوخي ويليه الاختيار من شعر أبي فراس الحمداني.
[شعر]
أبي فراس الحمداني قال:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة ... ولكن مثلي لا يذاع له سر