للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى ... وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر

تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والفكر

معللتي بالوصل والموت دونه ... إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر

بدوت وأهلي حاضرون لإنني ... أرى أن داراً لست من أهلها قفر

وحاربت قومي في هواك وإنهم ... وإياي لولا حبك الماء والخمر

وإن كان ما قال الوشاة ولم يكن ... فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر

وفيت وفي بعض الوفاء مذلة ... لآنسة في الحي شيمتها الغدر

وقور وريعان الصبا يستفزها ... فتأرن أحياناً كما يأرن المهر

تسائلني من أنت وهي عملية ... قتيلك قالت أيهم فهم كثر

فقلت لها لو شئت لم تتعنتي ... ولم تسألني عني وعندك بي خبر

ولا كان للأحزان لولاك مسلك ... إلى القلب لكن الهوى للبلى جسر

فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر

فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا ... فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر

وقلبت أمري لا أرى لي راحة ... إذا البين إنساني الح بي الهجر

فعدت إلى حكم الزمان وحكمها ... لها الذنب لا تجزي به ولي العذر

وتجفل حيناً ثم تدنو كأنما ... تراعي طلاً بالواد أعجزه الحضر

وإني لنزال بكل مخوفة ... كثير إلى نزالها النظر الشزر

وإني لجرار لكل كتيبة ... معودة أن لا يخل بها النصر

فأظمأ حتى ترتوي البيض والقنا ... وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر

ولا أصبح الحي الخلوف بغارة ... ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذر

ويا رب دار لم تختفي منيعة ... طلعت عليها بالردى أنا والفجر

وساحبة الأذيال نحوي لقيتها ... فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعر

وهبت لها ما حازه الجيش كله ... وراحت ولم يكتشف لأبياتها ستر

ولا راح يطغيني بأثوابه الغنى ... ولا بات يثنيني عن الكرام الفقر

وما حاجتي في المال أبغي وفوه ... إذا لم يفر عرضي فلا وفر الوفر

أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ... ولا فرسي مهر ولا ربه غمر

ولكن إذا حم القضاء على امرئ ... فليس له بر يقيه ولا بحر

وقال أصيحابي الفرار أو الردى ... فقلت هما أمران أحلاهما مر

ولكنني أمضي لما لا يعيبني ... وحسبك من أمرين خيرهما الأسر

يمنون أن خلو ثيابي وإنما ... علي ثياب من دمائهم حمر

قائم سيف فيهم أندق نصله ... وأعقاب رمح فيهم حطم الصدر

سيذكرني قومي إذا جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

ولو سد غيري ما بددت أكتفو به ... ولو كان يغني الصفر ما نفق التبر

ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر

تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر

أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلى ... وأكرم من فوق التراب ولا فخر

وله أيضاً:

غيري يغيره الفعال الجافي ... ويحول عن شيم الكريم الوافي

لا أرتضي وداً إذا هو لم يدم ... عند الجفاء وقلة الإنصاف

تعس الحريص وكل ما يأتي به ... عوضاً من الإلحاح والإلحاف

إن الغني هو بنفسه ... ولو أنه عاري المناكب حافي

ما كل ما فوق البسيطة كافياً ... فإذا قنعت فكل شيء كافي

وتعاف لي طمع الحريص أبوتي ... ومروءتي وقناعتي وعفافي

ما كثرة الخيل الجياد بزائدي ... شرفاً ولا عدد السوام الضافي

ومكارم عدد النجوم ومنزلي ... بيت الكرام ومنزل الأضياف

لا أقتضي لصروف كثير عدة ... حتى كأن صروفه أحلافي

خيلي وإن قلت بهن مذ أنا يافع ... ولقد عرفت بمثلها أسلافي

ولأبي فراس أيضاً:

أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتا هل تشعرين بحالي

معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى ... ولا خطرت منك الهموم ببال

أتحمل محزون الفؤاد قوادم ... على غصن غالي المسافة عالي

أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ... تعالي أقاسمك الهموم تعالي

<<  <   >  >>