فوالله ما أدري أأحلام نائمٍ ... ألمت بنا أم كانَ في الركب يوشع
وعهدي بها تُحيي وتُميته ... وتشعبُ أعشارَ الفؤاد وتصدع
واقرعُ بالعتبى حُميّا عتابها ... وقد تستقيد الراح حين تُشعشع
وتقفو لي الجدوى وإنّما ... يروقك بيتُ الشعر حين يُصرع
ألم ترى آرامَ الظباء كأنما ... رأت بي سيدَ الرملِ والصبح أدرع
لئن جزعَ الوحشيُّ منها لرؤيتي ... لإنسيها من شيب رأسي أجزع
غدا الهمُّ مخنطا بفوديَّ خطةً ... طريق الردى منها إلى النفس مهيع
هو الزورُ يجفى والمعاشر يحتوى ... وذو الإلف يُقلى والجديدُ يرقّع
له منظرٌ في العين أبيضُ ناصعٌ ... ولكنه في القلب أسودُ أسفح
ونحن نرجّيه على الكره والرضى ... وانف الفتى من وجهه وهو أجدع
لقد ساسنا هذا الزمانُ سياسةً ... سُدىً لم يسسها قبل عبدٌ مجدَّع
تروحُ علينا كلّ يوم وتغتدي ... خطوبٌ كان الدهر منهنَّ يصرع
حلت نطفٌ منه لنكسٍ وذو الحجا ... يُداف له سمٌّ من العيش منقع
لقد آسف الأعداء مجدُ ابن يوسف ... وذو النقص في الدنيا بذي الفضل مُولع
أخذتُ بحبلٍ منه لمّا لويته ... على مِررِ الأيام ظلت تقطع
هو السيلُ إن واجهته انقدت طوعه ... وتقتادهُ من جانبيه فيتبع
ولم أرى نفعاً عند من ليس ضائراً ... ولم أر ضراً عند من ليس ينفع
يقول فيُسمع ويمضي فيسرعُ ... ويضربُ في ذات الإله فيوجع
مُمرُّ له من نفسه بعضُ نفسه ... وسائرها للحمد والأجر أجمع
رأى البخل من كلٍّ فظيعاً فعافه ... على أنّه منه أمرُّ وأفظع
وكلُّ كسوفٍ في الدراري شنعة ... ولكنّه في الشمسِ والبدر أشنع
معادُ الورى بعد الممات وسيبُه ... معادٌ لنا قبل الممات ومرجع
له تالدٌ قد وقَّر الجودجُ هامّه ... فقرّت وكانت لا تزال تروع
إذا كانت النعمى سلوباً من امرئٍ ... غدت من خليجي كفهِ وهي مُتبع
وإن عثرت سودُ الليالي وبيضُها ... بوحدته ألفيتهُ وهو مجمعِ
وإن حفرت أموالُ قومٍ أكفَهم ... من النبل والجدوى فكفّاه مقطع
يومٍ يظلُ العز يحفظ وسطه ... بسمرٍ العوالي والنفوس تضيعُ
مصيف من الهيجا ومن جاحم الوغى ... ولكنهُ من وابل الدمِ مربع
عبوسٍ كسا أبطالهُ كل قونس ... ترى الموت فيه وهو أقرع انزع
وأسمر محمرَّ العوالي يؤمه ... سنانٌ بحبات القلوب ممنع
من اللائي يشربن النقيع من الكُلى ... غريضاً ويروى عندهنّ فينقع
شققت إلى جباره حومةَ الوغى ... وقنَّعتهُ بالسيف وهو مقنع
أظلتك آمالي وفي البطش قوةٌ ... وفي السهم تسديدٌ وفي القوس منزع
وإن الغنى لي ولو لحظت مطالبي ... من الشعر إلا في مديحك أطوع
وإنك لوز أهزلت في المحلِ لم تضع ... ولم ترعَ إن أهزلت والروض ممرع
رأيتُ رجائي فيك وحدك همة ... ولكّنه في سائر الناس مطمع
وكم عاثرٍ منا أخذت بضبعِهِ ... فأضحى له في قلةِ المجد مطلع
فصار اسمه في النابئات مدافعاً ... وكانَ اسمه من قبلُ وهو مدَّفع
وما السيف إلاّ زبرةٌ لو تركته ... على الحالةِ الأولى لما كان يقطع
فدونكها لولا ليانٌ نسيبها ... لظلَّت صِلابُ الصخر منها تصدع
لها أخواتٌ قبلها قد سمعتها ... وإن لم ترُغ بي مدني فستسمع
[وقال في الفخر]
أنا ابنُ الدين استرضع الجودُ فيهمُ ... وسُمّيَ فيهم وهو كهلٌ ويافع
نجوم طواليعٌ جبالٌ فوارعٌ ... غيوثٌ هواميعٌ سيولٌ دوافع
مضوا وكأن المكرمات لديهم ... لكثرةِ ما أو صوابهنّ شرائع
فأيّ يدٍ في المحل مدت ولم تكن ... لها راحةٌ من جودهم واصابيع
همُ استدعوا المعروف محفوظَ مالنا ... فضاعَ وما ضاعت لدينا الودائع
بها ليلُ لو عانيت فيض أكفهم ... لأيقنت أنّ الرزق في الأرض واسع
إذا خفقت في الأرض أرواح جودهم ... حداها النَّدى واستنشقها المطامع
رياحٌ كريح العنبرِ الغضّ في الندى ... ولكنها يوم اللقاء زعازع