يود حصاه الدهر لو أنه غدا ... على جيده عقد يناط وينظم
وحسب الدجى فخراً بحصباءِ أرضه ... لو انتثرت من فوقه وهي أنجم
تقبلها الأفواه حتى كأنها ... ثغور الغواني فهي تهوى وتلثم
نجيب نمته الغر من آل حيدرٍ ... ملوك على كل الملوك تقدموا
جنان نعيم غير أن سيوفهم ... لتعذيب أرواح الطغاة جهنم
مزانون في حلي العلى منذ خلقِهم ... تمائمهم بالمكرمات تختم
مصاليت يوم الكر من شئت منهم ... يصد به الجيش اللهام ويهزم
مضوا فأتى من بعدهم فأعادوهم ... إلى أن رأى كل الورى أنه هم
تحدر في الأصلاب حتى أتت به ... فكان هو السر الخفي المكتم
أبوه ذُكاء أعقب خير أنجم ... ولكنه نجم هو البدر فيهم
كريم لديه زدت قدراً ورفعةً ... وتكرمةً والحر للحر يكرم
فلي كل حين منه لطف مجدد ... ولي كل يوم من أياديه أنعم
أمولاي يا مولاي دعوة مخلص ... حليف ولاً في هر ليس يحجم
لقد أوجبت نعماك حجاً وعمرةً ... على ذمتي والحج فرض محتم
فهل تأذنوا أقضي حقوق مناسك ... تشاركني فيها الثواب وتغنم
ليهنك صوم الشهر وفيت أجره ... وبالعفو عقباه لك اللُّه يختم
وعودة عيد قيد تزين جيده ... بطوق هلالٍ نونه ليس تعجم
هلال إذا قابلته زال نقصه ... فيشرق ليلاً وهو بدر متمم
يصوغ لورد الليل مخلب فضة ... ولولاك أمي وهو ظفر مقل
فلا زلت تكو وجهه من سنا العلى ... ولا زال بالإقبال نحوك يقدم
لعينيك يبدو وهو قلب حبية ... ويلقى الأعياد وهو سيف مصمم
[وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر]
هذا الحمى فانزل على جرعائه ... واحذر ظبي لفتات عين ظبائه
وانشد به قلباً أضاعته النوى ... من أضلعي فعساه في وعسائه
وسل الأراك الغض عن روح شكت ... حر الجوى فلجت إلى أفيائه
واقصد لبانات اللوى فلعلنا ... نقضي لُبانات الفؤاد التائه
واضمم إليك قدود أغصان النقا ... والثم ثغور الدار من حصائه
واسفح بذاك السفح حول غديره ... دمعاً يعسجدُ ذوب فضة مائه
سقيا له من ملعب بعقولنا ... وقلوبنا لعبت يدا أهوائه
مغني به تهوى القلوب كأنما ... بالطبع يجذبها حصا مغنائه
أرج حكى نفس الحبيب نسيمه ... يذكي الهوى في الصب برد هوائه
نفحاته تبري الضرير كأنما ... ريح القميص تهيب من تلقائه
فلتحذر الجرحى به أن يسلكوا ... يوماُ فيشتاقوا ثرى أَرجائه
عهدي به ونجوم أطراف القنا ... والبيض مشرفة على أحيائه
والأسد تزأر في سروج جياده ... والعين تبغم في حجال نسائه
والطيف يطرقه فيعثر بالردى ... تحت الدجى فيقصد عن إسرائه
والظل تقصره الصبا وتمده ... والطير يعرب فيه لحن غنائه
لازال يسقي الغيث غر معاشر ... تسقي صوارمهم ثرى بطحائه
لا تنكرن يا قلب أجرك فيهم ... هم أهل بدر أنت من شهدائه
لولا جمود الدار بين شفاههم ... ما ذاب في طرفي عقيق بكائه
لله نفسُ أسٍ يصعدها الأسى ... ويردها في العين كف عزائه
حبست بمقلته فلا من عينهِ ... تجر ولم ترجع إلى أحشائه
من لي بخشف كناسِ خدرٍ دونه ... ما يحجم الضرغام دون لقائه
أحوى هوى ألِفَ الجآذر في الفلا ... والشيء منجذب إلى نظرائه
حسن إذا في ظلمة الليل انجلى ... تعشو الفراش إلى ضياءِ بهائه
يلقى شعاع الخد منه على الدجى ... شفقا يعصفر طيلسان سمائه
فالبرق منه يلوح تحت لثامه ... والغصن منه يميل تحت ردائه
لاغرو أن زار الهلال محله ... فشقيقه الأسنى برحب فنائه
أو نحوه نسرُ النجوم هوى فلا ... عجباً فبيضته بخدر خبائه
أنياب ليث الغاب من حجابه ... ولواحظ الحرباء من رقبائه
كم قد خلوت به وصدق عفافنا ... يجلو دجى الفحشاء فجر ضيائه
مالي وما للدهر ليس ذنوبه ... تفنى ولا عتبى على أبنائه
يجني على فضلي الجميم بفضله ... وكذا الجهول العلمُ من أعدائه