أولئك أخداني وقومي وجيرتي ... فمن مثلهم من منجب وابن منجب
عليهم قضت أيدي الرزايا فلم تزل ... تساقط منهم كوكباً إِثر كوكب
وأضحت مغانيهم قفاراً من الدمى ... ومن كل غطريف جواد مدرب
كأن لم يكن فيها أنيس مسامر ... ولا حل فيها للقرى بعض لغب
وبعدهم أقوت معاهد جودهم ... فيا ضيف خذ في حفظ زادك واعزب
فيالك من دهر تحكم ريبه ... وأودى بأقيال لهم نخوة الأب
ولا عوض عنهم يزاح به الأَسى ... وفاقدهم أضحى كأجذم أَغضب
وهل ساغ أن يعتاض عنهم بجاهل ... من النوك أو فدم عديم التأدب
عري من الآداب والفضل باقل ... تراه إذا صارحته يشبه الصبي
ألذ وأحلى كل شيء لديه ما ... إذا شام برقاًلاح في أفق مكسب
إذا دار في النادي لطيف نوادر ... وشعر يرى للثقل كالمتجنب
ولم ألف ذا فهم ونفس شريفة ... فيرتاح للآداب عن طيب مشرب
ولم يبقى مما يستطاب به سوى الذي ... تضمنه الأسفار من كل معرب
وما راق تنشيه القرائح حادثاً ... طرياً أتي من نحو شرق ومغرب
كمثل نظام جاءني فاق نشره ... على الروض جادته الغوادي بصيب
به يتحلى جيد هيفاء غادة ... فيدرك منها الحسن أبعد مطلب
تنظمه عقداً أنامل ماجد ... له في مقام الفضل أرفع منصب
نبيه نبيل ذي صفات حميدة ... تميزه بالنبل في كل موكب
حريص على كسب الفضائل مذ نشا ... وقد يسبق الأقران فضل التكسب
لقد عرفت منه الظرافة شيمة ... ورب ظريف للقلوب محبب
كريم إِخاء جامع حسن عشرة ... تقيم بعيداً كالحميم المقرب
سيلقي منظوم ونثر كأَنه ... كفاه سليم الطبع عن نحو قطرب
هو الشيخ عبد الله نجل محمد ... سليل كرام كل أنجب أغلب
جهابذة علماً فحلوه بالتقى ... إلى ورع صافي الموارد أعذب
وبالفرض حازوا العلم لا عن كلالة ... فمن كابر عن كابر كالتعصب
تقصد عبد الله قصد سبيلهم ... ففاز بفضل نابه الذكر معجب
ففاق بنظم لا يباريه شاعر ... سوى ما أتى من نظم واف مهذب
كسمط من العقيان والدر فصلت ... فرائده من أَغلى مثقب
نظام فريد في القريض مبرز ... فلم يرض من بكر المعاني بثيب
وثيق عهود الود مذ كان يافعاً ... وما زال حليفاً للإِخاء المحبب
ذكي به علم العقاقير نير ... فأصبح جالينوس في جنبه غبي
هو ابن علي ذو الوفاء محمد ... محب لآل المرتضى عترة النبي
غدا نظمه وشي الربيع وكافلا ... بصدق وداد بالولاء مطنب
فقابله مني القبول مع الرضى ... وأعددته للأنس ألطف مطرب
فيا من أنافا في القريض تسامياً ... إلى كاهل الإحسان بالحسن قدحبي
خذا لكما مني جواباً منقحاً ... يفوق على أشعار بكر وتغلب
أتيت به والفكر مرتهن الصدا ... وقرضابه قد كل عن كل مضرب
ولست إلى نهج البلاغة ناظراً ... يحجبها عني شواغل حدن بي
ولو لم أحاذر نسبة الكبر لم أفه ... بما قلت كالعشواء تخبط محتبي
ولا زلتما في نعمة وميسرة ... دواماً وعيش بالمعافاة طيب
سعيدين ما لاحت بوارق مزنة ... وما فاح مسك الختام المطيب
قد اقترح عليه حسن بن عبد الله بن أحمد آل خليفة تشطير أبيات ستة امتدح بها أمية بن أبي الصلت في الجاهلية ابن جدعان القرشي المشهور بالكرم وضمن التشطير في قصيدة طنانة وامتزجت الأبيات بالقصيدة حيث لا يتميز بينهما بل ربما كان كلامه يفوق الأبيات الستة فقال
ليالي الوصل حق بها الهنا ... وتلك مع الشباب هي المناء
تسامرني بها غنجاء رود ... كعاب للدلال بها ازدهاء
برشق لحاظها داء المعنى ... وفي ترشاف مبسمها الدواء
ومن سود الذوائب جن ليل ... ولي من نور غرتها ضياء
إذا ما الحلي زين به العذارى ... فحليتها الملاحة والبهاء
إذا سقط النصيف لمنكبيها ... تلقته وواراها الحياء
لهوت بها على حذر ورقبى ... خليعا بالملاح لي اعتناء
فأرشف من ثناياها عقاراً ... بها سكري وراق بها الصفاء