فضلاً وذو كرم يعين على الندى ... سمح كسوب رغائب غنامها
من معشر سنت لهم آبائهم ... ولكل قوم سنة وأمامها
أن يفزعوا تلق المغافر عندهم ... والسن يلمع كالكواكب لامها
لا يطبعون ولا يبور فعالهم ... إذا لا تميل مع الهوى أحلامها
فبنوا لنا بيتاً رفيعاً سمكه ... فسما إليه كهلها وغلامها
فاقنع بما قسم المليك فإنما ... قسم الخلائق بيننا علامها
وإذا الأمانة قسمت في معشر ... أوفى بأعظم حظنا قسامها
فهم السعادة إذا العشيرة أنظعت ... وهم فوارسها وهم حكامها
وهم ربيع للمجاور فيهم ... والمرملات إذا تطاول عامها
هم العشيرة أن يبطئ حاسد ... أو أن يلوم مع العدى لوامها
تم الاختيار من شعر لبيد ويليه الاختيار من شعر ذي الوزارتين احمد بن زيدون
[شعر]
ذي الوزارتين أحمد بن عبد الله بن زيدون الأندلسي القرطبي فمن قوله:
يا قمراً مطلعه المرب ... قد ضاق بي في حبك المذهب
ألزمتني الذي الذنب جئته ... صدقت فاصفح أيها المذنب
وان من أغرب ما مر بي ... أن عذابي منك مستعذب
ومن قوله أيضا يتذكر معاهد أصحابه وأحبابه:
خليلي لا فطر يسر ولا أضحى ... فما حال من أسمى مشوقاً كما أضحى
لئن شاقني شرق العقاب فلم أزل ... أخص بممحوض الهوى ذلك السفحا
وما انفك جو في الرصافة مشعري ... دواعي بث تعقب الأسف البرحا
ويهتاج ذميما عهد مجلس ناصح ... فاقبل في فرط الولوع به نصحاً
كأني لم أشهد لدى عين شهدة ... نزال عتاب كان اخره الفتحا
وقائع جانيها التجني وان مشى ... سفير خضوع بيننا أكد الصلحا
وأيام وصل بالععتيق اقتضيته ... فالايكن ميعاده العيد فالفصحا
وآصال لهو في مسناة مالك ... معاطة ندمان إذا شئت أو سبحا
لدى راكد ييبك من صفحاته ... قوارير خضر خلتها مردت صرحا
معاهد لذات وأوطان صبوة ... أجلت المعلى في الأماني بهها قدحا
ألا هل إلى الزهراء أوبة نازح ... تقضى تنائيها مدامعه نزحا؟
مقاصير ملك أشرقت جنباتها ... فخلنا العشاء الجون أثناءها صبحا
يمثل قرطيها لي الوهم جهرة ... فقبتها فالكواكب الرحب فالسطحا
محل ارتياح يذكر الخلد طيبه ... إذا عز أن يصدى الفتى فيه أو يضحى
هناك الجمام الزرق تندى حفافها ... ظلال عهدت الدهر فيها فتى سمحا
تعوضت من شدو القيان خلالها ... صدى فلوات قد أطار الكرى ضبحا
أجل أن ليلي فوق شاطئ نيطة ... لأقصر من ليلي بآنة فالبطحا
وهذه معاهد لبني أيمة بالأندلس، ومنتزهات حال ملكهم لتلك البلاد، وكان ابن زيدون يكلف بولادة المهدي فمن قوله فيها:
يا نازحاً وضمير القلب مثواه ... أنستك دنياك عبداً أنت دنياه
الهتك عنه فكاهات تلذ بها ... فليس يجري ببال منك ذكراه
عل الليالي تبقيني إلى أمل ... الدهر يعلم والأيام معناه
وقال يعاتبها على إغفال عهده:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا ... والأفق طلق ووجه الأرض قد راق
وللنسيم اعتلال في أصائله ... كأنه رق لي فاعتل إشفاقا
والروض عن مائه الفضي مبتسم ... كما شققت عن اللبات أطواقا
يوم كلذات أيام لنا انصرمت ... بتنا لها حين نام الدهر سراقا
نلهو بما يستميل العين من زهر ... جال الندى فيه حتى مال أعناقا
كأن اعينه إذا عاينت أرقي ... بكت لما بي فجال الدمع رقراقا
ورد تألق في ضاحي منابته ... فازداد منه الضحى في العين إشراقا
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا ... الك لم يعد عنها الصدر أن ضاقا
لو كان وفى المنى في جمعنا بكم ... لكان من أكرم الأيام أخلاقا
لا سكن الله قلبا عن ذكركم ... فلم يطر بجناح الشوق خفاقا
لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى ... وافاكم بفتى أضناه ما لاقى
يا علقي الأخطر الأسنى الحبيب إلى ... نفسي إذا ما اقتنى الأحباب إعلاقا
طكان التجاري بمحض الود مذ زمن ... ميدان انس جرينا فيه إطلاقا