للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فظلنا نساقي في زجاجات ذكرها ... حميا هواها في ندي الرواحل

فمن مدنف صاح بنا مثل شارب ... ومن معشر منا له زي زاهيل

فلولا هواها ما صبوت إلى الصبا ... ولا رحمت دمعي دعاة المنازل

ولا اقتنصت أخت الغزال جوارحي ... ولا هيجت ورق الحمام بلابل

ولولا رقى السحر المبين بلفظها ... لما التذ سمعي في أحاديث بابل

أيلحقني في حبها نقص سلوة ... إذا فارقتني نسبتس للفضاء

ولا صافح الخطي مني يد الندى ... ولا عانقت جيد المعالي حمائلي

ولا نصب البيض الجوازم رتبتي ... ولا رفعتها همتي للعوامل

وإني لظمآن إلى عذب منهل ... حمت شهده نحل الرماح النواهل

بحيث تحوط الأسد مرقد باغم ... وتوقظ طرف الموت دعوة صاهل

وما مورد عذب إذا لم أرى الظبا ... تشوب نضاراً في لجين المناهل

سقى الله قوماً خيموا أيمن الحمى ... وحيا بشرق الغضا كل وابل

ولله أيام السرور وحبذا ... مواسم لذات الليالي الأوائل

أما آن أن تدنو الديار وينجلي ... ظلام التنائي في صباح التواصل

فحتام تستجدي النوى يمّ مقلتي ... فيرفدها در الدموع الهوامل

أكانت جفوني كلما اعترض النوى ... بنان علي والنوى كف سائل

جواد إذا ضن الغمام على الورى ... توالت يداه بالغيوث الهوامل

شريف محل التاج في حلي فضله ... تزان صدور المكرمات العواطل

له راحة لو ترضع المزن درها ... همت باللآلي معصرات الحوامل

أحاطت بأوساط الدهور ووشحت ... حظوظ الورى منها خطوط الأنامل

تلذذه بالبأس والعفو والتقى ... وبذل العطايا لا بطيب المآكل

يهز أفعوان الرمح في كف ضيغم ... ويمسك نهر السيف في بحر نائل

يقلب فيه الدهر أجفان حائر ... ويرنو إليه الغيث في طرف آمل

همام يصيد الأسد ثعلب رمحه ... إذا الربد رفت في بزاة الجحافل

فما سار شيء من عداه بأرضه ... سوى ما سرى من لحمها في الحواصل

لطاعته قامت على ساقها الوغى ... ونكسى ذلاً رأسه كل باسل

وشدت على الأوساط من حزم القنا ... لديه زنانير الكعوب العوامل

وليس اضطراب الرمح خلقاً وإنما ... رمتها دواعي ذعره بالأفاكل

يرى زورة العافي ألذ من الصبا ... وأحسن من وصل الحبيب المماطل

هو الصقع اللسن الذي لبيانه ... بنظم القوافي معجزات الفواصل

وموضع علم الفضل والعلم الذي ... عليه وجوباً صح حمل الفواضل

يعدي فعال المكرمات بنفسها ... إلى آمليه لا بجر الوسائل

مضى فعله المشتق من مصدر العلى ... فصح له منه اشتقاق اسم فاعل

تكاد القنا قسراً بغير تثقف ... يقوّم منها عدا له كل مائل

وإن تنحني حني الأساور قضبه ... لما أثقلتها من ذحول القبائل

فلا تطلبوا يا حاسديه اغتياله ... فتخطفكم غول الخطوب الغوائل

ولا تنزلوا أرضاً بها حل شخصه ... فتنزل فيكم صاعقات النوازل

تولى بلاد الحوز فليخل بالها ... وتفرغ من بعد الهموم الشواغل

لقد قر طور المجد فيها مكانه ... وقد كان دكاً قبله بالمنازل

وفك عن الملك الوثاق فأصبحت ... شياطينه من قهره في سلاسل

وزال ظلام البغي عن نير الهدى ... وحكم سيف الحق في كل باطل

فحسبك يا بكر العلى مفخراً فقد ... تزوجت منه بالكريم الحلاحل

فيا ابن حسام المجد والعامل الذي ... به انصرفت قسراً جميع القبائل

لقد فقت آباء الكرام بوالدٍ ... به ختمت غر الكرام الأفاضل

محل سماك الفضل مركز شمسه ... مقر دراري غامضات المسائل

صفوح صدوق حاكم متشرع ... عفيف شريف ماله من مماثل

ففيه حكيم عالم متكلم ... ينص على أحكامه بالدلائل

مناقب فخر حزتها منه ياابنه ... وحسبك فخراً ما به من شمائل

فلازلت قطباً ثابتاً في العلى ولا ... برحت هلالاً كاملاً غير آفل

[وقال يمدحه ويستأذنه للحج الشريف ويهنئه بعيد الفطر]

تلوح وتستدعي الفراش وتبسم ... فيفتر ثغر الصبح والليل مظلم

<<  <   >  >>