وطوق نضار يستسر هلاله ... مع الفجر تحت الشمس في غسق الشعر
لفي القلب مني لوعة لو تجنها ... حشى المزن أمسى قطرها شرر الجمر
منعمة غير الكرم لا بزورها ... وتحجب عن طيف المحب إذا يسري
إذا مر في الأوهام من وصالها ... رأيت جياد الموت تعثر بالفكر
رفيعة بيت هالة البر نوره ... وقوس محيط الشمس دائرة الستر
يرى في الدجى نهر المجرة تحته ... على در حصباء النجوم به تجري
فأطنابه للفرقدين حمائل ... وأستاره بالجنح أجنحة النسر
وليل نجم القذف فيه كأنها ... تصول علينا بالمهندة البتر
ركبت به هوج المطايا وخضت في ... بحار المنايا طالباً درة الخدر
فعانقت منها جؤذر القفر آنساً ... وصافحت منها بالخبا دمية القصر
فلما دنا منها الوداع وضمنا ... قميص عناق بزنا ملبس الصدر
بكت فضة من نرجس متناعس ... وأجريت تبرا من شقيق أخي سفر
فأمست عيون البدر في شفق الدجى ... تسيل وعين الشمس بالأنجم الزهر
وبتنا وزند الليث مني مطوق ... لها ويمين الظبي قد وشحت خصري
فكادت لما بي أن تذيب سوارها ... ضلوعي وإن كانت حشاي منة الصخر
وكاد فريد العقد منها لما بها ... يذوب فيجري كالدموع ولا يدري
سقى الله أكناف العقيق بوارقاً ... تقطع زنج الليل في قضب التبر
ولازال محمر الشقائق موقداً ... بها الياقوت في قضب الشذر
حمى تتحامى الأسد آرام سربه ... وتصرعهم من عينه أعين العفر
تحوط الظبا أقماره في أهلة ... وتحمى شموس البيض في أنجم السمر
ألا حبذا عصر مضى وليالينا ... عرائس انس يبتسمن عن البشر
وأيامنا غر كأن حجولها ... أيادي عل في رقاب بني الدهر
أياد عن التشبيه جلت وإنما ... عبثن بقلب ساحرات رقى السحر
بواد يزان المجد منها بأنجم ... هواد لمن يسري إلى مشرق اليسر
مواض لمران المعالي أسنة ... وقضب بها العافون تسطو على الفقر
نبتن بكفيه نبات بنانه ... فدلت قطوف الجود في ثمر الشكر
هو العدد الفرد الذي يجمع الثنى ... وتسطر عنه قسمة الجبر
صنائعه عقد على عاتق العلى ... ومعروفه تاج على هامة الفخر
ربيع إذا مازرته زرت روضة ... يفتح فيها نثره حدق الزهر
نهيم به عشقاً لخلق كأنه ... يهب علينا في نسيم الهوى العذري
أيا واردي لج البحار اكتفوا به ... فسبعتها في أنمله العشر
إذا يده البيضاء أخرجها الندى ... فيا ويل أم البيض والورق الصفر
وهي طويلة احببت الاقتصار منها على هذا القدر وقال أيضاً يمدحه:
أما ومواضي مقلتيها الفواصل ... لتشبيبها بالبدر تحصيل حاصل
وياقوت فيها إن جوهر جسمها ... لكالماء إلا انه غير سائل
وورد محياها النضير لقدها ... هو الرمح إلا انه غير ذابل
من العين إلا انها في كنانها ... تظللها أسد الثرى بالمناضل
كعاب تمد الحتف في أي ناظر ... من الغنج إذ تدنو بمقلة خاذل
ذكاة حمتها الشهب وهي أسنة ... وقامت لديها نيران المشاعل
تظن رغاء الرعد زفرة مدنف ... فترشقه حراسها بالمعابل
وتحرس عن مر النسيم توهماً ... بأن الصبا تهدي إليها رسائلي
بروحي منها حاجباً غنج قوسه ... تسلمه من طرفها أي نابل
وقضبان بلور بدت في خواتم ... وأعمدة من فضة في خلاخل
وزندين لو لم يمسكا في دمالج ... لسالا من الأكمام سيل الجداول
فما اختال ظبي قبلها في مدارع ... ولا مال غصن يانع في غلائل
أحن لمرأى خدها وهو مصرعي ... وأعشق منها الطرف والطرف قاتلي
فوا عجباً أشقى بها وهي جنتي ... ولم أقتنصها والظبا من حبائل
وليل غرابي الخضاب كفرعها ... طويل كحظي لونه غير ناصر
كأن الدياجي منه سود عوابس ... وأنجمه بيض الحساني الثواكل
قضى فجره نحباً فأحيته فكرتي ... وقدح الحصى باليعملات الزوامل
وبت وصحبي كالقسي من السرى ... نجافي الكرى ميل الطلا بالكواهل