طوراً تعاطيني الحديث وتارة ... راحاً بها شمل الهموم يفرق
قالت وقد عاقرتها من كفها ... صرفاً لها نور يروق ورونق
أَلها نظير؟ قلت: خلق محمد ... في لطفه منها أرق وأروق
خلق لأَبلج غير معقود الندى ... ديم الغمام به غدت تتخلق
ويود أن بكل منبت شعرة ... منه بقول نعم لسان ينطق
وأجاد في مديحها ولولا مراعاة الاختصار لذاكرتها وفيما ذكرت منها كفاية.
ولغيره:
حي عني بالحمى عهداً قديماً ... وتعهد لي به الظبي الرخيما
رشأٌ بالنبل من ألحاظه ... غادر القلب على عمد كليما
إن أقل ريم صريم نافر ... فلكم أخجل بالعينين ريما
لا ومن أرشق قلبي لحظه ... أنا لا أعرف لولاه الصريما
أبلج الخدين ما ألطفه ... قامة هيفاء أو كشحاً هضميا
راع بالرقة من وجنته ... رائق الورد وبالطبع النسيما
خلته لما بدت غرته ... شمس أفق زاحمت ليلاً بهيما
ولغيره:
ما لقلبي تهزه الأشواق ... خبرينا أهكذا العشاق؟
كل يوم لنا فؤاد مذاب ... ودموع على الطول تراق
عجباً كيف تدعي الورق وجدي ... ولدمعي بجيدها أطواق
كم لنا بالحمى معاهد أنس ... والصبا يانع الجنى رقراق
عهدُ لهو به الليالي ترامت ... ماله عرست به الأحداق
يالظعن به النياق تهادى ... نهنهي السير ساعة يانياق
فبأحداجك استقلت ظباء ... آنسات بيض الخدود رقاق
وارحمي يا أميم لوعة صب ... شفهُ يوم ذي الأثيل الفراق
كاد يقضي من الصبابة لولا ... أن تحاماه في الوداع العناق
[شعر]
ابن نباتة المصري وقد يسر الله لي في هذه الأيام ديوان العلامة جمال الدين محمد بن نباتة المصري، فراقني شعره، فأحببت أن أنقل ما أستجيده من القصائد، وليس هذا موضع ذكره، لكن عدم الظفر بديوانه قبلُ أوجب ذلك.
هو الإمام العلامة جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن بن أبي الحسن، صالح بن يحيى بن طاهر بن محمد الخطيب بن نباتة المصري ولد بمصر سنة ٦٨٦ وتوفي سنة ٧٦٨ رحمه الله تعالى قال يمدح المؤيد:
أودت فعالك يا أسما بأحشائي ... واحيرتي بين أفعال وأسماء
إن كان قلبك صخراً من قساوته ... فإن طرفي المعنى طرف خنساء
ويح المعنى الذي أضرمت باطنه ... ماذا يكابد من أهوال أهواء
قامت قيامة قلبي في هواك فإن ... أسكت فقد سهدت بالقسم أعضائي
وقد بكى لي حتى الروض فاعتبروا ... كم مقلة لشقيق الغصن رمداء
وأمرضتني جفون منك قد مرضت ... فكان أطيب من نجح الدوا دائي
يا صاحبي أقلا من ملامكما ... ولا تزيدا بهذا اللوم إغرائي
هذي الرياض عن الأزهار باسمة ... كما تبسم عجباً ثغر لمياء
والأرض ناطقة عن صنع بارئها ... إلى الورى وعجيب نطق خرساء
فما يصدكما والحال داعية ... عن شرب فاقعة للهم صفراء
راحاً غريت برياها ومشربها ... حتى انتصبت إليها نصب إغراء
من الكميت التي تجري بصاحبها ... جري الرهان إلي غايات سراء
سكراً أحيطت أباريق المدام به ... فرجعت صوم تمتام وفأفاء
من كف أغيد يجسوها مقهقهة ... كما تأود غصن تحت ورقاء
حسبى من الله غفر للذنوب ومن ... جدوى المؤيد تجديد لنعمائي
ملك تطوق بالإحسان وفد رجا ... وبالظبي والعوالي وفد هيجاء
ذا بالنضار وهذا بالحديد فما ... ينفك آسر أحباب وأعداء
داع لجود يد بيضاء ما برحت ... تقضي على كل صفراء وبيضاء
يدافع النكبات الموعدات لنا ... حتى الرياح فما تسري بنكباء
ويوقد الله نوراً من سعادته ... فكيف يطمع حساد بإطفاء
لو جاورت آل ذبيان حماه لما ... ذموا العواقب من حالات غبراء
إلى أن قال:
ما زال يرفع اسماعيل بيت على ... حتى استوت غايتا نسل وآباء
مصرف الفكر في حب العلوم فما ... يشفى بسعدى ولا يروى بظمياء
له بدائع لفظ صاحبت كرماً ... كأنهن نجوم ذات أنواء
وأنمل في الوغى والسلم كاتبة ... إنما بأسمر نضو أو بسمراء