ولي نظرة بعد الصدود من الجوى ... كنظرة ثكلى قد أصيب وليدها
هل الله عاف عن ذنوب تسلفت ... أم الله لم يعف عنها معيدها؟
ولبعضهم:
ومستخفيات ليس يخفين زرننا ... يسحبن أذيال الصبابة والشكل
جمعن الهوى حتى إذا ما ملكنه ... نزعن وقد أكثرن فينا من القتل
موارق من ختل المحب عوارف ... بختل أولى الألباب بالجد والهزل
مريضات رجع القول خرس عن الخنا ... تألفن أهواء القلوب بلا بذل
ولآخر:
بيض حرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرام
يحسبن من لين الكلام زوانياً ... ويصيدهن عن الخنا الإسلام
ومن قول حيدر الحلي: ذكرت بذات الأثل مضى لنا=زمن به ظل الشبيبة سابغ كواعب ترمي عن قسي حواجب=بأسهم لحظ لا تقيها السوابغ
تدب على الورد الندي بخدها ... عقارب من أصداغهن لوادغ
لوادغ أحشاء يبيت سليمها ... ودرياقه عذب من الريق سائغ
لهوت بها حيناً أطيع بها الهوى ... غراماً وشيطان الصبابة نازغ
إلى أن رأت عيني يد الشيب ناصلاً ... بها من كلا فؤادي ما الله صايغ
فأصبحت لا قلبي من الغيد فارغ ... بلى قلبها مني غدا وهو فارغ
وأمسيت في ليل من الغم تحته ... فؤاد له ضرس من الهم ماضغ
إلى أن جلا عني الهموم بأسرها ... هلال علافي مطلع السعد بازغ
هلال علا تجلوه طوقاً لنحرها ... لهُ ربهُ من جوهر المجد صائغ
فتىً لم تكن أهل المساعي جميعها ... لتبلغ من علياه ما هو بالغ
يقصر كعب عن نداه وحاتم ... ويقصر حتى جرول والنوابغ
وله من صدر أخرى:
ألفتك نافرة الظباء الهيف ... واستوطنت في ربعك المألوف
فأنعم بناعمة الشبيبة غضة ... بيضاء ضامية الوشاح رشوف
أبداً يروق العين في وجناتها ... ورد ولكن ليس بالمقطوف
هي قبلة صلى لها غزلي كما ... صلى ثناي لقبلة المعروف
وأجاد في مديحها ومن قوله أيضاً في صدر قصيدة:
حيتك من وجناتها بشقيقها ... وجلت عليك مدامة من ريقها
وتبسمت لك عن ثنايا لم تشم ... عين كبارقها ولا كعقيقها
وحبتك من رشفاتها بسلافة ... ما فض مرتشف ختام رحيقها
وتعطفت لك بانة غير الصبا ... لم يحظ قلبك بانعطاف رشيقها
ورنت بأجفان إليك فواتر ... بأخي الهوى الدنيا تضيق لضيقها
يا أهل رامة ما الجمال وما الهوى ... إلا لشائق ريمكم ومشوقها
نفحتكم بعبيرها ريح الصبا ... ونحتكم ديم الحيا ببروقها
فسقت ملاعبكم بأوطف تردهي ... منهُ يزهر رياضها وأَنيقها
ومن قوله في صدر أخرى مدح بها محمداً الصالح:
وصلت وريعان الشبيبة مونق ... وجفت وقد لبس المشيب المفرق
والغيد طوع نسيم ريعان الصبا ... يهتز غصن شبابهن المورق
والشيب إن حطت عقاب نهاره ... فغراب ليلة وصلهن محلق
أدارت فتاة الحي أني مذ نأت ... قلبي أسير هوى ودمعي مطلق
أنا والجوى والدمع وهي ومهجتي ... طوع البعاد مغرب ومشرق
عافت أخا دمعي العقيق وثغرها ... أمسى يضيء به أخوه الأبرق
لله موقفنا صبيحة أجمعت ... بيناً له جزعاً بريقي أشرق
ومسكت قلبي كي يقر وإنه ... ليكاد يلفظه الزفير فيخفق
وكظمت أنفاسي الغداة وفوقها ... كادت مجامع أضلعي تتفرق
جاذبتها فضل الرداء فأقبلت ... بالعنف تجمع ما جذبت وأرفق
ومذ استقلت بها الفراق دعوتها ... بالدمع إذ هو من لساني أطلق
الله يا ذات النطاق بواجم ... لسن المدامع عن جواه تنطق
وتذكري عهد المودة بيننا ... أيام أوقاتي بلهوك تنفق
متآلفين بحيث لا ظل الهوى ... ضاح ولا صفو الوداد مرنق
في روضة غناء لم يبرح بها ... يمري مذانبه الغمام المغدق
يسري النسيم عليلةٌ أنفاسهُ ... فيها بنشر من عبيرك يعبق
وعيون نرجسها المندى غازلت ... منك المحيا وهو شمس تشرق
فكأن في أجفانهن الطل من ... أنوار وجهك ادمع تترقرق
ولهوت منك بذات خدر زانها ... ثوب الشباب الغض لا الاستبرق