ترى من حنيني كان شجو الحمائم ... ومن أدمعي كان استقاء الغمائم
فلا غرو أن انطقت بالشجو صامتاً ... وأبكيت حتى راتعات السوائم
فقل جل هذا الخطب حتى تدكدكت ... لموقعه شم الجبال المعالم
وحتى هوى بدر الدجنة واكتت ... له ظلمة زهر النجوم العوانم
لعمرك ما يوم قضى فيه قاسم ... على الناس إلا مثل يوم التزاحم
مضى هضبة الدنيا وبدر دجائها ... وفارسها المشهور بين العوالم
أجل إنه والله ما مات وحده ... ولكنه موت العلى والمكارم
وإلا فما بالي أرى البيض والقنا ... وجرد المذاكي بعده في مآتم
وما بال أبناء السبيل كأنما ... بهم لوحت هيف الرياح السمائم
يبكون مغشي الرواقين ماجداً ... أبياً على الأعداء صعب الشكائم
أخا الحرب لا يلفى لها متخشعاً ... إذا ما أتت بالمعضل المتفاقم
ولكنه يغشى لهيب شواظها ... إذ حاد عنها كل أروع غاشم
حلفت بمن حج الملبون بيته ... يؤمونه من نازحات المخارم
على أنه لو كان أزهق نفسه ... من الناس مرهوب الشبا والمناقم
لصحبه أبناؤه بجحافل ... لها زجل كالعارض المتراكم
وجاسوا خلال الدار منه بفتية ... على الموت امضى من شفار الصوارم
ولكنه المقدار والله غالب ... ونرضى بمن يقضي به خير حاكم
وهيجت لي يا ابن الأكارم لوعة ... تردد ما بين الحشا والحيازم
فلا تحسبني غافلاً أو مضيعاً ... أياد لكم عندي عذاب المطاعم
وفيك لنا لا زلت منه بقية ... شجاً للأعادي مغنم للمسالم
فيا عابد الرحمن يا خير من جرت ... به الجرد بين المأزق المتلاحم
يا خير مقصود أناخ ببابه ... رذايا سفار داميات المناسم
لكم مني الود الذي لا يشوبه ... مدى العمر تدليس المداجي المكاتم
وصلى إله العالمين مسلماً ... على المصطفى من عبد شمس وهاشم
كذا الآل والأصحاب ما قال قائل ... ترى من حنيني كان شجو الحمائم
وممن رثى الشيخ المرحوم قاسم رحمه الله ومدح ابنه الشيخ عبد الله، الشاعر المشهور علي العماري البغدادي بقوله
ومجدك ما نبهن وجدي الحمائم ... ولا الطرف إن نام الخليون نائم
ولا هزني برق تألق ومضهُ ... دجى فاستهلت للدموع غمائم
ولا ملكت قلبي فتاة طويلع ... فرفت خوافي شوقه والقوادم
بلى لملم قد أناخ بقاصم ... قرى المجد إذا أودى ابن ثانيه قاسم
فتى ثكلت فيه البداوة حاكماً ... به فجعت ضيد الملوك الخضارم
وبدراً به الأقطار ضاءت وقطره ... منير إذا ما قطب العام باسم
وقد فقدت منه الحضارة أصيداً ... يقل له في حوزة الحزم حازم
وله العرب العرباء ألقت زمامها ... ولا غرو فهو الفرد للكل خاطم
تسوس جماع الدهر منه رياضة ... يدين لأدناها الملوك القهارم
لقد أغمدوا في اللحد منه مذلقاً ... تفل لحديه السيوف الصوارم
ونافذ رأي سدد الحزم رمحه ... فيا لفداه النافذات اللهاذم
وما مات من أبقى لحوزة مجده ... فتى لعلاه لا يزال يلازم
تتوج عبد الله بالفخر والعلى ... ولفت عليه بالوقار العمتئم
فتى المجد والمعروف من جود كفه ... دنانيره وقف العطا والدراهم
لنعم بصدر الدست هضبة سؤدد ... يخف له رضوى إذا عد حالم
ونعم ركوب الخيل يملأ ظهرها ... إذا ما جرت جرد العتاق الصلادم
وهوب فلولا إن حاتم سابق ... لقلت عدا بيت السماحة حاتم
وكعب ابن مام في العطية دونه ... نعم إنه في حلبة السبق سالم
فيا ابن الهزبر اسمع مقالة صادق ... له ناثر يعنو خضوعاً وناظم
إليكم غدا أمي بغداد مرسلاً ... (على قدر أهل العزم تأتي العزائم)
وممن مدح الشيخ المرحوم قاسم الثاني رحمه الله وابنه الشيخ عبد الله بن قاسم الشاعر المشهور الأنطاكي صاحب جريدة العمران بهذه القصيدة وهي هذه
نسيم الصبا العطري عرج مسلما ... على قطر إني به كنت مغرما
وعرض بذكري في رباه لأهله ... لعلهم يعنون بالصب قبلما