وقل لهم إني محب متيم ... وما مثلكم يجفو المحب المتيما
وافصح لهم عما يكن الحشا الذي بنار الجوى في ذا الهوى قد تضرما
وقل لهم أن المحب بمصره ... ينوح ويبكي بالمدامع والدما
فلا شاغل أَُعنى به غير ذكركم ... وما ذكر الأحباب إلا تتيما
أأصحابنا الأمجاد في قطر أما ... ترون لوصلي حسن وصلكم أما
وهل تذكروني في مرابع أنسكم ... وما زلت في ذكراكم مترنما
وأنتم من الأعراب أهل العلى الألى ... وقفت لهم نفسي ولن أتندما
كرام قد امتازوا بحسن الوفا لمن ... وفي لهم في الود أولهم انتمى
يراعون عهد الجار لو جار واعتدى ... فكيف بمن والى وصافى وذمما
وتلقون بالإكرام قاصد فضلكم ... وما خاب راج نحوكم قد تقدما
وتحمون بالبيض القواضب كل من ... بكم من خطوب الدهر قد لاذ واحتمى
وتعفون عن حلم وتعطون عن رضى ... فتحيون آمال البرية فيهما
ببطش وإقدام وجود وسؤدد ... لقد شدتم للمجد صرحاً مفخما
وباتت معاليكم يطاول فخرها ... السحاب وكادت أن تواصلها السما
وفخركم كالشمس لألأ نوره ... ولا ينكر الأنوار إلا أخو الأعمى
أما منكم قام الرسول بهدية ... فخلف معوج الضلال مقوما
بساطع آيات الكتاب لقد دعا ... الأنام إلى التوحيد حتماً وعاما
وكان نذير الناس وهو بشيرهم ... وفيهم أحكام الشريعة عمما
وساوى الرعايا بالحقوق فلم يدع ... بهم مسلماً في الجاه يفضل مسلما
وخلف في القرآن حسن حضارة ... مشيدها والله لن يتهدما
فمن قال إن الشرع قد فات وقته ... لقد قال قولاً في الحقيقة مبهما
وشرع رسول الله لولا ذيوله ... وشراحه أخلق به أن يعمما
لنلقى به أجلى وأزهى تمدن ... يشاد على رأس الصلاح واعظما
فيا علماء الدين هبو لشرحه ... بحسن اجتهاد يجعل القول محكما
فنظهر للأفرنج فاسد حكمهم ... عليه ونجلو في هداه التوهما
ويا أمراء العرب فيكم رجاؤنا ... لتجديد مجد عهده قد تقدما
فهبوا إلى إحياء دارس مجدكم ... بسعي حميد يترك الضد مرغما
وكونوا أسوداً للعروبة إنها ... بكم تلتقي هول القضا إن تجهما
نعم عندنا نحن الأعراب سطوة ... ضراغم في يوم الوغى تسفك الدما
وفي السلم تولي الناس في جودها الغنى ... فلم تر مبؤوساً ولم تر معدما
إذا تلق يوماً قاسماً في مقامه ... تلاقى عميداً بالمكارم أكرما
ومن حوله أهل العشائر جملة ... يرجون منه أن يفيض التكلما
فيخطب فيهم ناصحاً ومؤذناً ... ويحكم فيهم عادلاً ومقوما
فطوبى لمن أضفى له نال سؤله ... وأصبح محبوباً صيفاً مكرما
ويا ويل من ناواه قد ناله الفنا ... وكان لدى أهل القبيل مذمما
له الله إن أعطى العطايا بجوده ... لينثر من كفيه للناس أنجما
يجود بلا من ويسبق نيله ... سؤال الذي يرجو نداه تكرما
ويسعى إليه الناس مثنى وموحداً ... فينفع كلا ما أراد وينعما
وتقصده الركبان من كل جهة ... فيرحل كل من ذراه مكرما
وتنشده في شعرها باهر الثنا ... فتلقى من الإحسان غيثاً لقد همى
وتنظر منه مسفقاً محسناً أباً ... خليقاً بأن يغني ويعطي ويرحما
يقابلها في صدره الرحب محسناً ... كريم ويلقاه بثغر تبسما
كذلك من نال الزعامة حقق ال ... أماني وأضحى في الرعاية قيما
ويفني الى في سيفه وهوباسم ... ويسقيهم من مورد الموت علقما
وينثر هامات الرجال بضربة ... يخوض بها فوق المطهم بالدما
ويلقون من نيران بندق جيشه ... شظايا كما يلقون بعد جهنما
فقل لعداه راجعوا السلم وارفقوا ... بأنفسكم تلقون سيد أرحما
ألا واسألوه الصفح والعفو أنه ... أبى الحرب إلا أن يحارب مرغما
ولا تحرجوه للنزال فإنه ... ليشفق أن يفني الأعادي ويرحما
وإن كان في حسن السياسة حازماً ... وفي دفع آراء البرية أحزما
كذا عابد الله ابن قاسم ذو العلى ... هماماً وصنديداً وبراً ومنعما