للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وممن ترجم له صاحب (السلافة) الشيخ عبد الرحمن العادي مفتي الحنفية بدمشق المحمية، قال في حقه: هو علاوة الزمان، وشقيق النعمان، الناشر العلم والعمل، والمحرز أدوات الكمال عن كمل العمدة، الرفيع العماد، المتميز على أقرانه تميز الروي على الثماد، فاضل له في الفضل والفواضل أياد، وفقيه أفكاره شدت للنعمان ما يشده شعر زياد إلى أدب ظهرت آياته وبهرت، ونشرت راياته بالمحاسن واشتهرت، فأذعن له كل ناظم وناثر، وعظم قدرة الأعاظم والأكابر، إن قال فالبلاغة منوطة بمقاله، أو كتب فالبراعة موثقة بعقاله مع كرم هو ضرة الغمام، وأياد هي الأطواق والناس الحمام، وخلق من لباب المكارم مخلوق، وشيم يستغنى بطيبها عن كل طيب وخلوق، وأشعاره درر لم يحتو على مثلها صدف، وغرر لم ينحل بمثلها سدف، ثم ذكر له رسالة كتبها إلى الشيخ المقري وهو بمصر، أبدع فيها كل الإبداع، تركت نقلها طلباً للاختصار، ثم قال ومن نظمه ما كتبه إلى الشيخ المذكور:

شمس العلى أطلعها الشيخ المغربُ ... وطار عنقاء بها مُغربُ

فأشرقت في الشام أنوارها ... وليتها في الدهر لا تغرب

شهاب علم ثاقب فضله ... ينظم عقداً منه لا يثقب

فرع علوم بالهدى مثمر ... وروض فضل في الندى معشب

قد ارتدى ثوب العلى وامتطى ... غارب مجد قرها المركب

درس غريب كل يوم له ... يملي ولكن حفظه أغرب

محاضرات مسكر لفظها ... بكأس سمع راحها تشرب

رياض آداب سقاها الحيا ... ففاح مسكاً نشرها الأطيب

فضائل عمت وطمت فقد ... قصر فيها كل من يطنب

قلوبنا قد جذبت نحوه ... والحب من عادته يجذب

إن بعدت عن غربه شرقنا ... فالفضل فينا نسب أقرب

كم طلبت تشريفه شامنا ... بشرى لها فليهنها المطلب

قد سبقت لي معه صحبة ... في حرم يؤمن من يرهب

أخوة في الله من زمزم ... وضاعها طاب به المغرب

أنهلني ثم وداداً فلي ... بالشام منه علل أعذب

ضاء دجى العلم به للورى ... ما ضاء في جنح الدجى كوكب

فراجعه الشيخ بقوله:

ما تبر راح كأسها مذهب ... ماللنهى من حسنها مذهب

تسدفع الأكدار من صفوفها ... وتنهب الأفراح إذ تنهب

تسعى بها هيفاءُ من ثغرها ... وفرعها الأنوار والغيهب

فتانة الأعطاف نفاثةٌ ... سحراً بألعاب الورى يلعب

في روضة قد كالمت بالندى ... والزهر رأس الغصن إذ يغضب

برودها بالنور قد نمنمت ... كالوشي من صنعاء بل أعجب

والماء يجري تحت جناتها ... والنار من نارنجها تلهب

والظل ضاف والنسيم انبرى ... والزهر زاكي النشر مستعذب

والطير للعشاق بالعود قد ... غنت فهاجت شوق من يطرب

أبهى ولا أبهج من منظر ... من نظم من تقديمه الأصوبُ

فتى دمشق الشام صدر الورى ... من في العلى تم به المطلب

علامة الدهر ولا مرية ... وملجأ الفضل ولا مهرب

لله ما امتاز به من علىً ... بغير منِّ الله لا تكسب

أبدى به الرحمن في عبده ... مظاهر الفضل التي تحسب

جود بلا منٍ وعلم بلا ... دعوى به التحقيق يستجلب

وبيت مجدٍٍ مسند ركنه ... إلى عماد الدين إذ ينسب

فبرقه الشامي من شامهُ ... تال مراماً والسوى خلب

وما عسى أبديه من مدحه ... ومدح أبناء له أنجبوا

تسابقوا للمجد حتى حووا ... سبقاً لما في مثله يرغب

أعيذهم بالله من شرِّ ما ... يخشى من الأغيار أو يرهب

وأسأل الله لهم عزةً ... بادية الأضواء لا تحجب

[شعر]

[أحمد بن شاهين]

وممن ترجم له صاحب (السلافة) أحمد بن شاهين الشامي.

<<  <   >  >>