وقال السيد أمين بن مكين اليماني: مادحاً جلالة الشيخ عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم. قال: إلى زبرقان هالة سماء الفاضل، والمنهل العذب الزلال، دوحة المجد واللطافة، وكهف المستجير مما يخافه، غوث الملهوف ومعدن الفضل والمعروف، الماجد الشهم الشيخ المحترم عبد الله بن المرحوم الشيخ قاسم بن محمد الثاني دام مجده وعلا عزه وسعده. وبعد. فالذي ننهيه إلى جنابكم بأنا وصلنا إليكم من شقة بعيدة، مفارقين أهلنا وأوطاننا من مدة مديدة، حتى أوصلتنا الأقدار إلى هذه الدار، وقصدناك لما يبلغنا عنك بأنك تعظم أهل بيت النبوة، ونحن من سادات اليمن، وقد أصابنا في هذه السنين قحط وديون مجحفة، ولم يسعنا إلا الخروج لطلب الإعانة ممن هو مثلكم، وها نحن منتظرون حلول الأريبة، لا لت محروساً آمين.
دمعي من البين لا ينفك ساجمهُ ... وقادح الشوق في الأحشاء ضارمهُ
فمن لمن قذفت أيدي البعاد به ... وخانه الصبر وانحلت عزائمه
إن رام كتم الهوى شنت مدامعه ... فأظهرت لجوىً في القلب كاتمه
يبيت من ذكر من حل الحمى كلفاً ... ينوح شوقاً كما ناحت حمائمه
يرجو التلاقي بهم والدهر يبعده ... ولم يقل قد قضى بالجور حاكمه
أعني بذلك عبد الله من فضحت ... سحائب القطر بالجدوى براجمه
ومن هو الأسد الضاري إذا شرعت ... يوم الوغى البيض واستلت صوارمه
إلى المعاضيد ينمي وهو خير فتى ... من لم يكن في العلى شخص يزاحمه
بحر المكارم إنسان الزمان فما ... ذاك الزمان ومن في الجود حاتمه
فقد زهى قطر مذ شاخ في نعم ... عن غيره وبه طابت معالمه
ينبيك عن مجده في الناس سيرته ... وعن مناقبه تنبي تراجمه
عج بالرياض وسل عن ذات شيمته ... تجد خلائقه كالزهر باسمه
لو اشتكى أحد جور الزمان لما ... راعته في عمره يوماً مظالمه
أو جاءه زائر يوماً فليس يرى ... له نديماً سوى مجد ينادمه
يا ماجداً في الورى قد طاب محتده ... إليك نظماً قصير الباع ناظمه
فاقبله وافضل على منشيه محتسباً ... فقد شكى من صروف الدهر راقمه
واسلم ودم في سماء المجد مرتقياً ... أوج المكارم صافي العيش دائمه
ثم الصلاة على خير الورى حسباً ... ما لاح برق وما هلت غمائمه
وآله الطهر والأصحاب ما رقصت ... أغصان بان وما غنت حمائمه
[شعر علي بن سليمان]
هو الشيخ العلامة ذو العقل الراجح والشهامة، علي بن سليمان آل يوسف التميمي، ثم الوهيبي نسباً، والحنبلي مذهباً، والسلفي معتقداً، والبصري مسكناً، طلب العلم في بغداد على مشايخ كثر، منهم آل الألوسي ومنهم الشيخ نعمان الألوسي، والشيخ شكري الألوسي، ومشايخ لم أحفظ أسمائهم، وأدرك في كثير من الفنون إدراكاً تاماً، وقد رأيته واجتمعت به واستنفدت منه في مدة اقامته عندنا ببلدنا قطر، وهو إذ ذاك في صحبة الشيخ يوسف آل إبراهيم في أيام قدومه على الشيخ المرحوم قاسم الثاني رحمه الله سنة ١٣١٥،فرأيت رجلاً لا يجارى فيما تكلم فيه من أي فن، خصوصاً في الأصول وعلم العقائد والتحقيق لعقيدة السلف، والدعوة إليها والرد على من خالفها، وأما الشعر والأدب، فحدث عنه ولا حرج، إن نثر شنف بنثره الآذان، وإن نظم أزرى بعقود الجمان، له الأشعار الفائقة، والمعاني الرائقة، أنقل إن شاء الله منها في هذا المجموع نموذجاً يدلك على سمو مقامه وجودة نظامه. فمن ذلك ما كتبه تقريظاً على النسخة التي جمعها وهو إذ ذاك ببلدنا فإنه جمع سبع قصائد في عقيدة السلف أولها القحطانية النونية ذكرها في هذه الأبيات وهي:
أشمس سعود أشرقت من سما المجد ... أم المسك أمسى فائحاً من صبا نجد؟
أم الروضة الغناء باكرها الحيا ... فأحيا بها روض البنفسج والورد
أم البرق من أفق الخليصاء لائحٌ ... أم المزن حنت فازدهى حادي الرعد
أم البدر للسارين ليل تمامه ... تجلى فشاموا طالع الأنس والسعد
أم الغادة الحسناء أسفر وجهها ... فزدت بها يا صاح وجداً على وجدي
ولكنها مجموعة قد تجمعت ... بها نسخ تحكي الزواهر في العد
حوت حكما واستحكمت بأدلة ... تدل على نيل السعادة والقصد