وقد يكهم السيفُ المسمى منية ... وقد يرجع السهم المظفر خائبا
فآفة ذا أن لا يصادف رامياً ... وآفة ذا أن لا يصادف ضاربا
وملآن من ضغن كوه توقلي ... إلى الهمة القعسا سناماً وغاربا
شهدت جسيمات العلا وهو غائبٌ ... ولو كان أيضاً شاهداً كان غائبا
إلى الحسن اقتدنا ركائب صيرت ... لها الحزن من أرض الفلاة ركائبا
نبذت إليه همتي فكأنما ... كدرت بها نجماً على الأرض ثاقبا
وكنت امرءاً ألقى الزمان مسالماً ... فآليت لا ألقاه إلا محاربا
لو اقتسمت أخلاقه الغر لم تجد ... معيباً ولا خلقاً من الناس عائباً
إذا شئت أن تحصي فواضل كفته ... فكن كاتباً أو فاخذ لك كاتبا
عطايا هي الأنواء إلا علامة ... دعت تلك أنواءً وهذي مواهبا
فأقسم لو أفرطت في الوصف عامداً ... لأكذب في مدحيه لم أكُ كاذباً
ثوى ماله نهب المعالي فأوجبت ... عليه زكاة الجود ما ليس واجبا
وتحسن في عينيه إن جئت زائراً ... وتزداد حسناً كلما جئت طالبا
خدين العلا أبقى له البذلُ والنهى ... عواقب من عرفٍ كفتهُ العواقبا
يطول استشارات التجارب رأيه ... إذا ما ذوو الرأي استشاروا التجارب
برئت من الآمال وهي كثيرة ... لديك وإن جاءتك حدباً لواغبا
وهل كنتُ إلا مذنباً يوم أنتحي ... سواك بآمالي فجئتك تائبا
وقال يمدح عياش بن لهيعة الحضرمي:
تقي جمحاتي لستُ طوعَ مؤنبي ... وليس جنبي إن عذلت بمصحبي
فلم توقدي سخطاً على متنصلٍ ... زلم تنزلي عتباً بساحة معتب
رضيت الهوى والشوق خدناً وصاحباً ... فإن كنت لم ترض بذلك فاغضبي
تصرف حالات الفراق مصرفي ... على صعب حالات الأسى ومقلبي
ولي بدنٌ يأوي إذا الحب ضافه ... إلى كبدِ حرّى وقلب معذب
وحوطيةٍ شمسيةٍ رشية ... مهفهفةِ الأعلى رداحِ المحقب
تصدعُ شملَ القلب من كل وجهة ... وتشعبه بالبث من كل مشعب
بمختبل ساج من الطرف أحورٍ ... ومقتبلٍ صافٍ من الثغر أشنب
من المعطيات الحسن والمؤتياته ... مجلببة أو عاطلاً لم تجلبب
لو أن امرأ القيس بن حجر بدت له ... لما قال مرَّا بي على أم جندب
فتلك شقوري لا ارتيادك بالأذى ... محلي إلا تبكري تتأوَّبي
أحاولت إرشادي فعقلي مرشدي ... أم استمت تأديبي فدهري مؤدبي
هما أظلما حاليّ ثمة أجليا ... ظلاميهما عن وجه أمرد أشيب
شجى في حلوق الحادثات مشرقٌ ... به عزمهُ في الترهات مغرب
رأيت لعياش خلائق لم تكن ... لتكمل إلا في اللباب المهذب
له كرمٌ لو كان في الماء لم يغض ... وفي البرق ما شام امرؤٌ برق خلّب
أخو أزماتٍ يذله بذل محسن ... إلينا ولكن عذره عذر مذنب
إذا أمّه العارفون ألفوا حياضه ... ملاءاً وألفوا روضه غير مجدب
إذا قال أهلاً مرحباً نبعت لهم ... مياه الندى من تحت أهل ومرحب
يهولك أن تلقاه صدراً لمحفل ... ونحراً لأعداء وقلباً لموكب
مصادٌ تلاقت لوَّذاً بريوده ... قبائل حيي حضرموت ويعرب
بأروع مضاء على كل أروع ... وأغلب مقدام على كل أغلب
كلوذِهم فيما مضى بجدوده ... بذي العرف والأحماد قَيْلٍ ومرحب
ذوون قيولٌ لم تزل كل حلبة ... تمزق منهم عن أغرَّ محبِّب
همامٌ كنصلِ السيف كيف هززته ... وجدت المنايا منه في كلّ مضرب
تركت حُطاماً منكبَ الدهر إذ نوى ... زحاميَ لمّا أن جعلتك منكبي
وما ضيق أقطار البلادِ أضافني ... إليك ولكنْ مذهبي فيك مذهبي
وأنتَ بمصرٍ غايتي وقرابتي ... بها وبنو أبيكَ فيها بنو أبي
ولا غر وأن وطأتَ أكناف مرتعي ... لمهمل أخ فاضي ورَفَّهت مشربي
فقومتَ لي ما اعوجَ من قصد همتي ... وبيَّضتَ لي ما اسودَّ من وجه مطلبي
وهاك ثياب المدح فاجرر ذيولها ... عليك وهذا مركبُ الحمد فاركب
[وقال يمدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني]
لقد أخذت من دارِ ماويةَ الحقْبُ ... أنحلُ المغاني للبلى هي أم نهبُ؟