من كلّ سابغةِ الشباب إذا بدت ... تركت عميدَ القريتين عميدا
أزرينَ بالمردِ الغطارف بدَّناً ... غيداً ألفنهمُ غطارف غيدا
أحلى الرجالِ من النساءِ مواقفاً ... من كان أشبههم بهنَّ خدودا
فاطلب هدواً في التقلقلِ واستثر ... بالعيسِ من تحت السهادِ هجودا
من كلّ معطية على علل السُّرى ... وخداً يبيتُ النومُ منه شريدا
تخدي بمنصلتِ يظلّ إذا ونى ... ضرباؤه حِلساً لها وقتودا
جعل الدجى جملاً وودع راضياً ... بالهونِ يتخذُ القعود قعودا
طلبت ربيع ربيعةَ المهمي لها ... فتفيأت ظلاً لها ممدودا
بكريَّها علويها صعبيها ال ... حصنيَّ شيبانيها الصّنديدا
ذُهليها مُريّها مطرّيها ... يُمنى يديها خالدَ بنَ يزيدا
نسبٌ كأنّ عليه من شمس الصحىِِ ... نوراً ومن فلقِ الصباح عمودا
عُريانُ لا يكبو دليلٌ من عَمى ... فيه ولا يبغي عليه شهودا
شرفٌ على أولى الزمانِ وإنما ... خَلَقُ المناسب ما يكونُ جديدا
لو لم تكن من نبعةٍ نجدّيةٍ ... عُلوّية لظننتُ عودكَ عودكَ عودا
مَطرٌ أبوك أبو أهلةِ وائلٍ ... ملأ البسيطةَ عُدَّة وعديدا
أكفاءهُ تلدُ الرجالُ وإنما ... ولدَ الحتوف أساوداً وأسودا
رُبداً وماسدةً على أكتادها ... لِبَدٌ تخالُ فليلهنَّ لبودا
ورثوا الأَّبوة والحظزوظ فأصبحوا ... جمعوا جدوداً في العلى وجدودا
وقر النفوسِ إذا الكواكب قَعضبٍ ... أردين عفريتَ الوغى المرّيدا
زُهر إذا طلعت على حجب الكلى ... نحست وإن غابت تكون سعودا
ما إن ترى إلاَّ رئيساً مقصداً ... تحت العجاج وعاملا مقصودا
فزعوا إلى الحلق المضاعب وارتدوا ... فيها حديداً في الشؤون حديدا
ومشوا أمام أبي يزيدَ وحولهُ ... مشياً يهدَّ الرسيات وئيدا
يغشونَ أسغحهم مذانبَ طعنةٍ ... سفحاً وأشنعَ ضربة أُخدودا
ما إن ترى الأحساب بيضاً وُضَّحاً ... إلاّ بحيث ترى المنايا سواد
لبس الشجاعة إنها كانت له ... قِدماً نشوقاً في الصَّبا ولدودا
بأساً قبيلياً وبأس تكرم ... جَمَّ وبأسَ قريحةِ مولودا
وإذا رأيتَ أبا زيدٍ في ندى ... ووغىً ومبدي غارةٍ وميعدا
يُقري مرجيه مُشاشةَ مالهِ ... وشبا الأسنة ثُغرةً ووريدا
أيقنت أن من السماحِ شجاعةً ... تُدعي وأنَّ من الشجاعة جودا
وإذا سرحت الطرف نحو قبابِهِ ... لم تلق إلاَّ نعمةً وحسودا
ومكارماً عُتُق النجارِ تليدة ... إن كان هضبُ عمايتينِ تليدا
ومتى حللت به أنالكَ جهده ... ووجدتَ بعد الجهد فيه مزيدا
متوقدٌّ منه الومان وربَّما ... كان الزمان بآخرين بليدا
أبقى يزيدُ ومزيدٌ وأبوهما ... وأبوه ركنكَ في الفخار شديدا
سَفلوا يرونَ الذكرَ عقباً صالحاً ... ومضَوا يعدون الثناءَ خلودا
إنّ القوافي والمساعي لم تزل ... مثل الجمان إذا أصاب فريدا
هي جوهرٌ نثرٌ فإن ألفتهُ ... بالشعرِ صار قلائدا وعقودا
في كلّ معتركٍ وكل مقامةٍ ... يأخذن منه ذِمةً وعهودا
وإذا القصائدُ لم تكن حُفراءها ... لم ترضَ منها مشهداً مشهودا
من أجل ذلك كانت العربُ الألى ... يدعون هذا سؤدداً محدودا
وتندُّ عندهم العلى إلاَّ عُلى ... جُعلت لها مِررُ القصيد قيودا
[وقال يمدحه]
يقولُ أناسٌ في حُبيناء أبصروا ... عِمارة رحلي من طريفٍ وتالدِ
أصادفت كنزاً أم صبحتَ بغارةٍ ... ذوي غرةٍ حاميهمُ غير شاهد
فقلتُ لهم: لا ذا ولا ذاك ديدني ... ولكنني أقبلت من عند خالد
جذبتُ نداه غدوة السبت جذبةً ... فخرَّ صريعاً بين أيدي القصائد
فأبتُ بنعمى منه بيضاء لدنةٍ ... كثيرة قرحٍ في قلوب الحواسد
هي الناهد الريّا إذا نعمة امرئٍ ... سواه غدت ممسوحةً غير ناهد
فَرَعتُ عِقاب الأرض والشعر مادحاً ... له فارتقى بي في عقاب المحامد
فألبسني من أمهات تِلادهِ ... وألبستُهُ من أمهات قلائدي