للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكأنما هو طالبي بقصاص ما ... صنعته آبائي إلى أرزائه

شيم الزمان الغدر وهو أبو الورى ... فمتى الوفاءُ يرام من أبنائه

لحقوه في كل الصفات لأنه ... ظرفوا به والماء لون إنائه

فعلام قلبي اليوم يجزعه النوى ... ولقد عهدت الصبر من حلفائه

وإلام ندب للديار كأنه ... فرض على أخاف فوت أدائه

يا حبذا عيش على السفح انقضى ... والدهر يلحظنا بعين وفائه

والشمل منتظم كم انتظم العلا ... بندى علي ٍأو عقود ثنائه

وليالياً بيضاً كأن وجوهها ... من فوقه مسحت أكف عطائه

بحر إذا ما مد َّفابن سحابنا ... يدري بأن أباه لج سخائه

فطن تكاد العمي تبصر في الدجى ... لو أنها اكتحلت بنور ذكائه

ملك يعوذ الدين فيه من العدى ... فيصون بيضته جناح لوائه

إلى أن قال:

إن كنت تجهل بالسؤال صفاته ... فعليك نحن نقص من أنبائه

العدل والرأي المسدد والتقى ... والبأس والمعروف من قرنائه

فهو ابن من ساد الأنام بفضله ... خلف الكرام الغر من آبائه

صلى ووالده المجلي قبلهُ ... فأًَََتى المدى فخراً على أكفائه

سيان في الشرف الرفيع فنفسه ... من نفسه وعلاه من عليائه

من آل حيدرة الألى ورثوا العلى ... من هاشم والضرب في هيجائه

آل الرسول ورهطه أسباطه ... أرحامه الأدنون أهل عبائه

نسب إذا ما خط خلت مداده ... ماء الحياة يفيض في ظلمائه

نسب يضوع إذا فضضت ختامه ... فيعطر الأكوان نشر كبائه

أين الكرام الطالبون لحاقه ... منه وأين ثناء من نعمائه

يا أيها المولى الذي بيمينه ... في المال قد فتكت ظبي آلائه

سمعاً فديتك من حليف مودة ... مدحاً يلوح عليه صدق ولائه

مدحاً تميل له الطباع كأنني ... أتلو عليه السحر في إنشائه

بصفاتك اللاتي بهن مزجته ... فعبقن كالأفواه في صهبائه

فاستجله نظماً كأن عروضه ... زهر الربى ورويه كروائه

واسرر خلال العيد منك بنظرة ... تكفيه نقص التم من لألائه

فجبينك الميمون يمنحه السنا ... وعلاك يرفعه لأوج سنائه

طلب الكمال وليس أول طالب ... وأتى إلى جدواك باستجدائه

فاظهر له حتى يراك فإنه ... صب كساه الشوق ثوب خفائه

وليهنك الصوم المبارك ... والله يختمه بحسن جزائه

وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر أيضاً:

لله قوم بأكناف الحمى نزلوا ... هم الأحبة إن صدوا وإن وصلوا

ودرّ درهم من جيرة معهم ... لم يبرح القلب إن ساروا وإن نزلوا

جعلتهم لي ولاة وارتضيت بما ... يقضون في الحب إن جاروا وإن عدلوا

هم همُ سادتي رقوا قسوا وعطفوا ... جفوا وفوا أخلفوني أنجزوا مطلوا

ودوا قلوا هجروا زاروا صفوا كدروا ... قد حسن الحب عندي كل ما فعلوا

رعيا لماضي زمان فزتُ فيه بهم ... وحبذا بالحمى أيامنا الأُول

عصر كأن الليالي فيه بيض دمى ... لعس الشفاه وأَوقات اللقا قبل

إذا الرواة رووا عنه لنا خبراً ... كأنهم نقلونا بالذي نقلوا

كم في القباب لديهم من محجبة ... بالحسن والعز منها يضرب المثل

بكرهي الشمس في إشراق بهجتها ... لو لم يجن سناها فرعها الجثل

ودمية القصر لولا سمط منطقها ... وظبية القفر لولا الحلي والعطل

سيان بيض ثناياها إذا ضحكت ... ومبسم البرق لولا النظم والرتل

يبدو الصباح فيستحي إذا سفرت ... عن المحيا فيعلو وجهها الخجل

تختال في السعي سكرى وهي صاحية ... فينقضي الصبر عنها وهي تنتقل

تغري القلوب بلحظيها ومقلتها ... لوا النعاس لقلنا جفنها خلل

أفديهم من سراة في جواشنهم ... وفي البراقع منهم تلتظي شعل

فرسان طعن وضرب غير أنهم ... أمضى سلاحهم القامات والمقل

شوس على الشوس بالبيض الرقاق سطوا ... وبالجفون على أهل الهوى حملوا

في غمد كل هزبر من ضراغمهم ... وعين كل مهاة كامن أجل

لم ادر من قبل ألقى سود أعينهم ... إن المنية من أسمائها الكحل

<<  <   >  >>