كلا ولا خلت لولا حلي خردهم ... أن الدنانير مما يثمر الأسل
بالبيض قد كللوا أقمارهم وعلى ... شموسهم بالدياجي تضرب الكلل
صباحهم من وجوه البيض منفلق ... وليلهم من قرون العين منسدل
صانوا من الدرما حازت مباسمهم ... وما حووا منه في راحاتهم بذلوا
سود الذوائب والأحداق تحسبهم ... تعمموا بسواد الليل واكتحلوا
يروق في أسدهم نظم القريض وفي ... غزلانهم يحسن التشبيب والغزل
تمسي القلوب ضيوفاً في منازلهم ... ولا لهن سوى نيرانهم نزل
هم الأكارم إلا أنهم عرب ... عند الكرائم منهم يحسن البخل
أما ولدن تثنت في مناطقهم ... تحت الحديد وقضيب فوقها حلل
وبيض حبات در بعضها لفظوا ... وبعضهن لأعناق الدمى جعلوا
لولا عيون وقامات بنا فتكت ... لم نخش من وقع ما سلوا وما اعتقلو
لا أطلع الله فجراُ في مفارقهم ... ولا انجلى ليلها عنهم ولا أفلوا
ولا صحت من سلاف الدل أعينهم ... ولا سرى في سواها منهم الكسل
لولا هواهم لما أبلى الضنى جسدي ... ولا شجتني رسوم الدار والطلل
ولا تفرق قلبي في الرسوم كم ... تفرقت من علي في الورى خول
الموسوي الذي مشكاة نسبته ... أرحام بشهاب الطور تتصل
كريم نفس تزان المكرمات به ... ومنه تنشأ بالدنيا وتنتقل
طود لو أن سر نديباً تبدله ... لساكني الحوز بالراهون ما قبلوا
ولو إلى رجله يهوي الهلال دجى ... لم ترضه أنه من نعلها بدل
قرن يميل إلى نحو الظبى شغفاً ... كأنهن لديه أعين نجل
يغشى العدى مثل ماضيه وعامله ... يهتز بشراً ويثني عطفه الجذل
في طرف هندية من ضربه رمد ... وفي عواليه من جرح الكلى ثمل
له سيوف إذا ما النصر أضحكها ... تبكي الرقاب وتنعي نفسها القلل
جراحها وعيون الصب واحدة ... لا تلك ترقي ولا هاتيك تندمل
بيض الجوانب كالأنهار من لبن ... تظنها بالوفا يجري بها العسل
حليف بئس إذا اشتدت حميته ... لولا ندى راحتيه كاد يشتعل
يغزو العدو على بعد فيدركه ... كالنجم يسري إليه والدجى جمل
يكاد كل مكان حل ساحته ... يقفوه شرقاً إليه حين يرتحل
تلقى مواقد نور في مواطئه ... كأنه بأديم الشمس منتعل
لا يطمع الخصم فيه لين جانبه ... فقد تلين الأفاعي والقنا الذبل
ولا يغر العدى ما فيه مكن كرم ... فمحدث الصاعقات العارض الهطل
يمد نحو العلى والمكرمات يداً ... خطوطها للمنايا والمنى سبل
يد إلى مصر كل من أناملها ... تسري الأيادي وفيها ينزل الأمل
كأن خاتمه يوم النوال بها ... قوس السحاب الغوادي حين ينهمل
حاز الكمال صبياً منذ مولده ... وقال بالفصل طفلاٌ قبل ينفصل
نفس من القدس في ذات مجردة ... بالعرف جاز عليها يصدق الرجل
ما لاح فوق سرير مذله قمر ... ولا تمطى جواداً قبله جبل
ولا تنسك زاهداً غيره أسد ... ولا تدين في دين الظبا بطل
هل عانق الشمس إلا سيفه فلق ... واستغرق البحر إلا درعه وشل
باهت مناقبه الدنيا به فعلا ... قدراً على سائر الأملاك واستفلوا
حكوه خلقاً وما حازوا خلائقه ... والناس كالوحش منها الليث والوعل
أنى يحاول فيه مدع صفة ... وهل يحصل طيب النرجس البصل
ما كل ذي كرم تحوى مكرمه ... والدر في كل بحر ليس يحتمل
لديه أغلى لباس المرء أخشنه ... وأحسن الخز والديباج مبتذل
لو باللباس بدون البأس مفتخر ... فاق البزاة بحسن الملبس الحجل
يا ابن الأسود الألي يوماً إذا حملت ... بالأفق يشفق منها الثور والحمل
زانت بأبنائك الدنيا وفيك ولو ... لم يولدوا لم تجد كفواً لها الدول
أنتم شموس ضحاها بل وأنجمها ... ليلاً وأوقاتها الأسحار والأصل
عنكم ومنكم رواة المجد قد أخذوا ... علم المعالي ولولا كم به جهلوا
يدرون أنكم حقاً أئمتهم ... ويعملون يقيناً أنكم قبل
إذا العباء كساكم فضل ملبسه ... فأي فخر عليكم ليس يشتمل