هل الله مستبق ذمامي بعودة ... إليها تريني الدمع قد هش كالحه؟
ويصبح هذا البعد قد ريض صعبه ... وأمكن من فضل المقادة جامحه
وقال في صدر قصيدة أخرى:
لعبت بعطفيه الشمول فمادا ... كالغصن حركه الهوى فانآدا
ريم أعارمها الصريم لواحظاً ... نجلاً وآرام الحمى أجيادا
ساجي اللحاظ وإنها لأشد من ... بيض الظبى يوم القراع جلادا
هاتيك جاروت الجفون وهذه ... أبت الجفون وحلَّت الأكبادا
نازعته راحاً كبرد رضابه ... طمعاً وجمرة خده إيقادا
فانقاد كالمهر الجموح جذبته ... رفقاً ثنى لعنانه فانقادا
والليل زنجي الملاة لناشرٍ ... لمماً كأحداق الحسان جعادا
فنضا دجاه بغرة أوفى بها ... حسناً على البدر المنير وزادا
قسماً بخوض كالحنى ضوامرٍ=وصلت بتدآب السرى الآسادا
يحملن شعثاً من ذؤابة وائلٍ ... شم المعاطس سادة أمجادا
لأفارقن الخط غير معول ... فيها الفحول وتكرم الأغادا
وله أيضاً وهي من فائق الشعر:
هاتيك أحداج تشد وهذه ... أطناب أخبيه تحل وتنقص
وواء عيسهم المناخة عصبة ... أكبادهم وهم وقوف تركض
وقفوا وأحشاء الضمار بالأسى ... تحشى وأوعية المدامع تنقض
يتخافتون ضناً فمطلق أنةٍ ... ومطامن من زفرة ومخفض
قبضوا بأيديهم على أكبادهم ... والشوق ينزع من يد ما تقبض
فإذا هم أمنوا المراقب عرضوا ... بشكاتهم وإذا استرابوا أعرضوا
رحلوا وآراءُ البكاة وراءهم ... شتى فسافح عبرة ومفيض
أتبعتهم نفساً ودمعاً نادراً ... تشوى الرياض وماء ذاك يروض
من ناشد لي بالعقيق حشاشة ... طاحت وراء الركب ساعة قوضوا؟
لم تلو راجعة ولم تلحق بهم ... حتى وهت مما تطيح وتنهض
أترى قد رضيت بما أراقوا من دمي ... عمداً على سخط القتيل فهل رضوا؟
فهناهم صفو الزمان وإن هم ... بالريق يوم وداعهم لي أجرضوا
باتوا أصحاء القلوب وعندنا ... منهم على النأي المعل الممرض
يا صاح أنت المستشار لمن دمي ... برق تألق بعد وهن يومض
فمن المذم على المحاجر من سنا ... برق كصل الرمل حين ينضنض
فلق الوميض فليس يغيض طرفه ... ليلاً ولا يدع الحاجر تغمض
نثرت له ليلاً على كثب الحمى ... حلل تذهب تارة وتفضض
وبمنحى الجرعاء حي ثوروا ... بالقلب ثائرة الظنون وأبضوا
ولقد دعوت ووجه شوقي مقبل ... بهمُ ووجه الصبر عني معرض
ردوه أحي برده أو ألحقوا ... كلي به فالحي لا يتبعض
نفسوا بردهم النفيس وعوضوا ... عنه الأسى بعداً لما قد عوضوا
يا صاح هل يهب التجلد واهب ... أو يقرض السلوان عنه مقرض؟
وأبي لقد عز العزاء وما بقي ... بيدي من سيف التجلد مقبض
انفضت من زاد السلو وما عسى ... يبقى عقيب نفاذ زاد منفض؟
ومن محاسن مراثيه المرثية التي رثى بها الشيخ أبا علي عبد الله بن ناصر ابن حسن بن المقلد من بني وائل، وكانت وفاته في السنة ١٠١١ الحادية عشرة بعد الألف، وهي من غرر المراثي، ولولا جودتها لم أنقلها وهي:
أكف البرايا من تراثهم صفر ... وبيض المنايا من دمائهم حمر
وخيل الرزايا ما تزال معدة ... تقاتلنا فرسانها ولها النصر
تكر علينا البيض والسمر بالردى ... فتبلغ ما لا تبلغ البيض والسمر
ومورد هذا الأمر مرٌّ وإنه ... لأَعذب شيء عندنا ذلك المر
خليلي من أبناء بكر بن وائل ... قفا واندبا شيخاً به فجعت بكر
وبدراً تراءى للنواظر فاهتدت ... به برهة ثم اختفى ذلك البدر
وعضباً ثنت أيدي النوائب حده ... وكان اعتراها من مضاربه عقر
أرامي الورى أخطأتنا وأصبتهُ ... أسأت بنا شلت أناملك العشر
فيا أيها الثاوي الذي اتخذ الثرى ... مقاماً فهلا كان في صدري القبرُ
فإن جعل الماء القراح بزعم من ... رآه لكم طهراً فأنتم له طهر
وإن بليت أكفانك البيض في الثرى ... فما بلي المعوف منك ولا الذكر
كأنك مغناطيس كل مهذب ... فما كامل إلا وفيك له قبر