فمتى اصول عليه يا ابن عصامها ... سباق ميدان العلى بذاذه
ومتى أرى سعيي بدهري هازلا ... وعلاه منه يجد في استنقاذه
يا ويح قلبي كم يضيق وكلمه ... يسع الفجاج الفيح في إنقاذه
زادت عوائق دهره في برحة ... إذا حان منها عوذه بمعاذه
قاض تقابلنا حبا ابراده ... بابي هريرة في التقى ومعاذه
ظمئت إلى ماء الفرات جوانحي ... وانأ مقيم في ثرى بغداذه
ناديت بدر التم أن شئت السنى ... من غير نقص فالقه أو حاذه
فلألقين به الزمان وأهله ... في تيه قيصره وزهو قباذه
وكتب إليه يستنجده:
أشيع أيامي بليت وعلما ... وأشغل أوصافي بما وكأنما
وأزمع يأساً ثم اذكر إنني ... بحضرة أزكى الناس فرعا ومنتمى
فارتقب العتبى وأشدو تعللا ... عسى وطن يدنو بهم ولعلما
أفضه علينا كوثرياً لعله ... يبرد ناراً في الحشا من جهنما
ورد جوابي وهي تثني صوامتا ... كفاها لسان الحال أن تتكلما
فما جئت جالينوس مستشفياً به ... ولا علتي حين المسيح بن مريما
وقال يمدح الأمير أبا بكر بن إبراهيم، وقد قدم غرناطة والياً لأمرها، فدخل في جملة من الشعراء، وأنشدها بين يديه:
اليوم أخمدت الضلالة نارها ... واسترجعت دار الهدى عمارها
واستقبلت حدق الورى غرناطة ... وهي الحديقة فوفت ازهارها
فكأن تشرينا بها نيسان إذا ... يكسو رباها وردها وبهارها
في غب سارية ترقرق ادمعا ... يحكي الجمان صغارها وكبارها
ما شئت من نهر كصدر عقيلة ... شقت أناملها عليه صدارها
أو جدول كالنصل في يد ثاثر ... أمهى صحيفته وهز غرارها
ما بين اشجار تميد كأنها ... شراب جريال يدير حلومها ووقارها
لله أروع من ذوائب حمير ... راع العداة فما تقر قرارها
راقت به أرض الجزيرة عزمة ... خلعت على حب الجمان عذارها
ما هاله بيد تعسفها ولا ... لجج كجنح الليل خاض بحارها
في فتية تسري إلى نصر الهدى ... فتظنهم سدف الدجى اقمارها
خضبوا السواعد بالرقاق تفاؤلا ... أن سوف تخضب بالنجيع شفارها
وتلثموا صوناً لرقة أوجه ... جعل السماح شعارها ودثارها
المنعمين على العفاة إذا وشوا ... والناقضين على العدى أوتارها
غرسوا الأيادي في ثرى معروفهم ... فجنوا بألسنة الثناء ثمارها
لم لا تراح شريعة التقوى بهم ... وجفنها منهم ترى انصارها
ضربوا سرادق بأسهم من دونها ... وقد اشرأب الكفر يهدم دارها
فوقوا بخرصان جنابها ... وحموا بقضبان الصفاح ذمارها
ومسومات شزب أن أحفرت ... نفضت على ثوب السماء غبارها
لبسوا القلوب على الدروع فدوخوا ... أرض العدى واستأصلوا كفارها
شهب إذا أوقت على أفق الوغى ... جعلت أبا يحيى الأمير مدارها
متلثم بالصبح فوق أسرة ... تهدي إلى شمس الضحى أنوارها
أورت زناد المسلمين له يد ... بالنجح تقدح مرخها وعفارها
حاشا لأزند شرعنا من كبوة ... ويد ابن ابراهيم توري نارها
أصفى مواردها أزاح سقامها ... أرخى حرارتها أقال عثارها
أولي أمة أحمد أبهجتها ... مذ صرت من جور الحوادث جارها
جلبت لك الأنعام ضرعا جافلا ... ورنت على أفنانها أطيارها
وأرى زناد ارأي نذ قدحتها ... أوريت في مقل النجوم شرارها
وحط الرعية في مريع جنابها ... وارأب ثآها واصطنع أحرارها
زد الأكابر من بنيها خطة ... واردد كباراً بالحباء صغارها
واقذف بحور المشركين بجحفل ... يمحو معالم أرضها ومنارها
لجب تظن السابغات بموجه ... زرقا ونقع السابحات بحارها
واحلل عرى تلك الجماجم إنها ... عقدت على بغض الهدى زنارها
وكأنني بك قد ثللت عروشهم ... وسلبت بيضة ملكه جبارها
وقتلت من انجادها انجادها ... وصرعت في اغوارها اغوارها
لا ترض منهم بالنفوس تحوزها ... سمر القنا حتى تحوز ديارها
وترى بها عيناك عين ضلالها ... ويد الهدى فيها تشق زرارها