وخذ جانب الوادي كذا عن يمينه ... بحيث النقا تهتز منه طواله
هناك ترى بيتاً لزينب مشرقاً ... إذا جئت لا يخفى عليك جلاله
فقل ناشداً بيتاً ومن ذاق مثله ... لدى جيرة ولم يدر كيف احتياله
وكن هكذا حتى تصادف فرصة ... تصيب بها ما رمته وتناله
فعرض بذكري حيث تسمع زينب ... وقل ليس يخلو ساعة منك باله
عساها إذا ما مر ذكري بسمعها ... تقول فلان عندكم كيف حاله
ومن قوله وهي من فائق شعره:
دعوا الوشاة وما قالوا وما نقلوا ... بيني وبينكم ما ليس ينفصل
لكم سرائر في قلبي مخبأة ... لا الكتب تنفعني فيها ولا الرسل
رسائل الشوق عندي لو بعثت بها ... إليكم لم يسعها الطرق والسبل
أمسي وأصبح والأشواق تلعب بي ... كأنما أنا منها شارب ثمل
وأستلذ نسيماً من دياركم ... كأن أنفاسه من نشركم قبل
وكم أحمل قلبي في محبتكم ... ما ليس يحمله قلب فيحتمل
وكم أصبره عنكم وأعزله ... وليس ينفع عند العاشق العزل
وأرحمتاه لصبٍ قل ناصره ... فيكم وضاق عليه السهل والجبل
قضيتي في الهوى والله مشكلة ... ما القول ما الرأي ما التدبير ما العمل؟
يزداد شعري حسناً حين يذكركم ... إن المليحة فيها يحسن بالغزل
يا غائبين وفي قلبي أشاهدهم ... وكلما انفصلوا عن ناظري اتصلوا
قد جدد البعد قرباً في الفؤاد لهم ... حتى كأنهم يوم النوى وصلوا
أنا الوفي لأحبابي وإن غدروا ... أنا المقيم على عهدي وإن رحلوا
أنا المحب الذي ما الغدر من شيمي ... هيهات خلقي عنه لست أنتقل
فيا رسولي إلى من لا أبوح به ... إن المهمات فيها يعرف الرجل
بلغ سلامي وبالغ ف الخطاب له ... وقبل الأرض عني عندما تصل
بالله عرفه حالي إن خلوت به ... ولا تطل فحبيبي عنده ملل
وتلك أعظم حاجاتي إليك فإن ... تنجح فما خاب فيك القصد والأمل
ولم أزل في أموري كما عرضت ... على اهتمامك بعد الله اتكل
وليس عندك لي أمر تحاوله ... والحمد لله لا عجز ولا كسل
فالناس بالناس والدنيا مكافأة ... والخير يذكر والأخبار تنتقل
والمرء يحتال إن عزت مطالبه ... وربما نفعت أربابها الحيل
يا من كلامي له إن كان يسمعه ... يجد كلاماً على ما شاء يشتمل
تغزلاً تخلب الألباب رقته ... مضمونه حكمة غراء أو مثل
إن المليحة تغنيها ملاحتها ... لاسيما وعليها الحلي والحلل
دع التواني في أمرتهم به ... فإن صرف الليالي سابق عجل
ضيعت عمرك فاحزن إن حزنت له ... فالعمر لا عوض عنه ولا بدل
سابق زمانك خوفا من تقلبه ... فكم تقلبت الأيام والدول
وأعزم متى شئت فالأوقات واحدة ... لا الريث يدفع مقدوراً ولا العجل
لا ترقب النجم في أمر تحاوله ... فالله يفعل لا جدي ولا حمل
مع السعادة ما للنجم من أثر ... فلا يضرك مريخ ولا زحل
الأمر أعظم والأفكار حائرة ... والشرع يصدق والإنسان يمتثل
وقال وكتب بها إلى صلاح الدين عمر المعروف بابن العديم الحلبي:
دعوتك لما أن بدت لي حاجة ... وقلت رئيس مثله من تفضلا
لعلك للفضل الذي أنت ربه ... تغار فلا ترضى بأن تتبدلا
إذا لم يكن تحمل منة ... فمنك وأما من سواك فلا ولا
حملت زماناً عنكم كل كلفة ... وخففت حتى آن لي أن أثقلا
ومن خلقي المشهور مذ كنت أنني ... لغير حبيب قط لن أتذللا
وقد عشت دهراً ما شكوت بحادث ... بلى كنت أشكو الأغيد المتدللا
وما هنت إلا للصبابة والهوى ... وما خفت إلا سطوة الهجر والقلى
أروح وأخلاقي تذوب صبابة ... أغدوا وأعطافي تسيل تغزلا
أحب من الظبي الغرير تلفتا ... وأهوى من الغصن النضير تنقلا
فما فاتني حظي من اللهو والصبا ... ولا فاتني حظي من المجد والعلى
ويا رب داع قد دعاني لحاجة ... فعلت له فوق الذي كان آملا