للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأدخله في الهدية، وقصد أن يعوض ابن منير أضعاف قيمته، فلما شعر ابن منير بذالك حزن على مملوكه المذكور وكتب إلى الشريف على الفور قصيدة أولها:

عذبت قلبي يا تتر ... وأطرت نومي بالفكر

بالمشعرين وبالصفا ... والبيت أقسم والحجر

وبمن سعى فيه وطاف ... به ولى وأعتمر

لئن الشريف الموسوي ... ابن الشريف أبي مضر

أبدى الجحود ولم يردّ ... إلي مملوكي تتر

واليت آل أمية الطه ... ر الميامين الغرر

وجحت بيعة حيدر ... ورجعت عنه إلى عمر

وإذا جرى ذكر الصحابة ... بين قوم واشتهر

قلت المقدم شيخ تيم ... ثم صاحبه عمر

ما سل قط ظبى على ... آل النبي ولا شهر

كلا ولا صد البتول ... عن التراث ولا زجر

وأثابها الحسنى وما ... شق الكتاب ولا بقر

وبكيت عثمان الشهيد ... بكاء نسوان الحضر

وشرحت حسن صلاته ... جنح الظلام المعتكر

وقرأت من أوراق مص ... حفه براءة والزمر

ورثيت طلحة والزبير ... بكل شعر مبتكر

وأزور قبرهما وأزجر ... من نهاني أو زجر

وأقول أم المؤمنين ... عقوقها إحدى الكبر

ركبت على جمل لتصبح من بنيها في زمر

وأتت لتصلح بين جيش المسلمين على غرر

فأتى أبو حسن فسل حسامه وسط وكر

وأذاق إخوته الردى ... وبعير أمهم عقر

ما ضره لو كان كفَّ ... وعف عنهم إذا قدر

وأقول إن أمامكم ... ولى بصفين وفر

وأقول إن أخطأ معاوية ... فما أخطأ القدر

هذا ولم يغدر معا ... وية ولا عمرو مكر

بطل بسوءته يقا ... تل لا بصرامة الذكر

وجنيت من قمر النوا ... صب ما تثمر واختمر

وأقول ذنب الخارجين ... على علي مغتفر

لا ثائر لقتالهم ... في النهر وان ولا أثر

والأشعري بما يؤول ... إليه أمرهما شعر

قال انصبوا لي منبراً ... وأنا البريء من الخطر

فعلا وقال خلعت صما ... حبكم وأوجز واختصر

وأقول: إن يزيد ما ... شرب الخمور ولا فجر

ولجيشه بالكف عن ... أبناء فاطمة أمر

وحلقت في عشر المحرم ما اسطال من الشعر

ونويت صوم نهاره ... وصيام أيام أُخر

ولبست فيه أجل ثو ... ب للملابس يدخر

وسهرت في طبخ الحبو ... ب من العشاء إلى السحر

وغدوت مكتحلاً أصا ... فح من لقيت من البشر

ووقفت في وسط الطريق ... أقص شارب من عبر

وغسلت رجلي ضلة ... ومسحت خفي في السفر

وآمين أجهر في الصلاة ... كمن بها قبلي جهر

وأسن تسنيم القبور ... لكل قبر محتفر

وإذا جرى ذكر الغدير ... أقول ما صح الخبر

ولبست فيه من الملا ... بس ما اضمحل وما دثر

وسكنت جلق واقتديت ... بهم وإن كانوا بقر

نفر يرى برئيسهم ... طيش الظليم إذا نفر

وخفيفهم مستثقل ... وصواب قولهم هذر

وطباعهم كجبالهم ... طبعت وقدت من حجر

ما يدرك التشبيب ... تغريد البلابل في السحر

وأقول في يوم تحار له البصيرة والبصر

والصحف ينشر طيها ... والنار ترمي بالشرر

هذا الشريف أضلني ... بعد الهداية والنظر

فيقال خذ بيد الشريف ... فمستقر كما سقر

لواحة تسطو فما ... تبقي عليه ولا تذر

والله يغفر للمسيء ... إذا تنصل واعتذر

فاخشَ الإله بسوء ... فعلك واحتذر كل الحذر

وإليكها بدوية ... رقت لرقتها الحضر

شامية لو شامها ... قس الفصاحة لافتخر

ودرى وأيقن أنني ... بحر وألفاظي درر

وبديعتي كبديعةٌ ... عذراء ترفل في الحبر

حبرتها فغدت كزهر الروض باكره المطر

وإلى الشريف بعثتها ... لما قراها فانبهر

رد الغلام فما استمر ... على الجحود ولا أصر

وأثابني وجزيته ... شكراً وقال وقد صبر

فلما قرأ الشريف هذه القصيدة أمر برد المملوك عليه حالاً.

قال ابن حجة الحموي: لما ذكر هذه القصيدة بطولها، أقول: إنه

<<  <   >  >>