يبلو بها الله قوماً كي يبين له ... ذو الطاعة البر ممن فيه عصيان
وما ابتلاهم لأعنات ولا عبث ... ولا لجهل بما يطويه إبطان
لكن ليثبت في الأعناق حجته ... ويحسن العفو والرحمن رحمان
ومن عجائب ما يمنى الرجال به ... مستضعفات له منهن أقران
مناضلات بنبلٍ لأقوام له ... كتائب الترك يزجيهن خاقان
مستظهرات برأي لا يقوم له ... قصير عمرو ولا عمرو ووردان
من كل قاتلة قتلى وآسرة ... أسرة وليس لها في الأرض إثخان
يولين ما فيه إغرام وآونةً ... يولين ما فيه للمشغوف سلوان
ولا يد من على عهد لمعتقد ... أنى وهن كما شبهن بستان
يميل طوراً بحمل ثم يعدمه ... ويكتسي ثم يلفي وهو عريان
حالاً فحالاً كذا النسوان قاطبةً ... نواكث دينهنّ الدهر أديان
يغدرن والغدر مقبوح يزينه ... للغاويات والغاوين شيطان
تغدو الفتاة لها وإن غدرت ... راحت ينافس فيها الخل خلان
ما للحسان مسيئات بنا ولنا ... إلى المسيآت طول الدهر تحتان
يصبحن والغدر بالخلصان في قرن ... حتى كأن ليس غير الغدر خلصان
فإن تبعن بعهد قلن معذرة ... إنا نسينا وفي النسوان نسيان
يكفي مطالبنا بالذكر ناهية ... أن اسمنا الغالب المشهور نسوان
لا نلزم الذكر إنا لم نسم به ... ولا منحناه بل للذكر ذكران
فضل الرجال علينا أن شيمتهم ... جود وبأس وأحلام وأذهان
وإن فيهم وفاءً لا نقوم به ... ولن يكون مع النقصان رجحان
صدقن ما شئن لكنا تقنصنا ... منهن عين تلاقينا وادمان
أنكى وأزكى حريقاً في جوانحنا ... خلق من الماء والألوان نيران
إذا ترقرقن والإشراق مضطرم ... فيهنّ لم يملك الإسرار كتمان
ماء ونار فقد غادرنا كل فتى ... لابس وهو غزير الدمع حرّان
تخضل منهنّ عين فهي باكية ... ويستحرّ فؤاد وهو هيمان
يا ربُ حسانة منهن قد فعلت ... سوءً وقد تفعل الأسواء حسّان
تصمي المحب وتلفي الدهر شاكية ... كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها ... غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاء تكسي فتبدو وهي مرهفة ... خود تعرى فتبدو وهي ميدان؟
ترتج أردافها والمتن مندمج ... والكشح مضطمر والبطن طيان
ألوف عطر تذكي وهي ذاكية ... إذا أساءت جوار العطر أبدان
نمامة المسك تلقى وهي نائية ... فنأيها بنميم المسك لقيان
يغيم كل نهار من مجامرها ... ويشمس الليل منها فهو ضحيان
كأنها وعثان الند يشملها ... شمس عليها ضبابات وأدجان
شمس أظلت بليل لا نجوم به ... إلا نجوم لها في البحر أثمان
وتلبس الحلي مجعولاً لها عُوداً ... لا زينة بل بها عن ذاك غُنيان
لله يوم أرانيها وقد لبست ... فيها شباباً عليها منه ريعان
وقد تردت على سربال بهجتها ... فرعاً غزته الغوادي فهو فينان
جاءت تثنى وقد راح المراح بها ... سكرى تغنى لها حسن وإحسان
كأنها غصنٌ لدن بمروحة ... فيه حمائم هاجتهن أشجان
إذا تمايل في ريح تلاعبه ... ظلت طراباً لها سجع وإرنان
يا عاذليَّ أفيقا إنها أبداً ... عندي جديد وإن الخلق خلقان
لا تلحياني وإياها على ضرعي ... وزهوها فكلا الأمرين ديدان
إني ملكت فلي بالرق مسكنة ... ومُلكت فلها بالملك طغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت ... نعمٌ تجاورنا والدار نعمان
إذ لا المنازل أطلال نسائلها ... ولا القواطن آجال وصيران
ظلنا نقول وأشباه الحسان بها ... سقياً لعهدك والأشباه أعيان
بانوا فبان جميل الصبر بعدهمُ ... فللدموع من العينين غنيان
لهم على العيش إمعان يشط بهم ... وللدموع على خديَّ إمعان
لي مذ نأوا وجنة ريا بمشربها ... من عبرتي وفمٌ ما عشت ظمآن
كأنما كل شيء بعد ظعنهم ... فيا يرى قلبي المتبول أظعان
أصبحت مالك من أوطانه ملل ... وخانك الود من مغناه ودان