قال فيه صاحب "كتاب السلافة": له شعر يفعل في الألباب فعل السحر، أثبت منه ما هو أحلى من جنى النحل, وأجدى من القطر في البلد المحل، وكتبت إليه قصيدة ضمنتها التبرم من الاغتراب والبعاد أقول فيها: "ابن المعصوم"
هل يعلم الصحب أني بعد فرقتم ... أبيت أرعى نجوم الليل سهرانا
أقضي الزمان ولا أقضي به وطراً ... وأقطع الدهر أشواقاً وأشجانا
ولا قريب إذا أصبحت ذا حزنٍ ... إن الغريب حزين حيثما كانا
أرى فؤادي وإن ضاقت مسالكه ... بمدح نجل رسول الله جزلانا
عماد أبنية المجد الذي رفعت ... آباؤه الغر من ناديه أركانا
السيد الماجد الندب الشريف ومن ... قد بذ بالفضل أكفاء وأقرانا
سما به النسب الوضاح فاجتمعت ... فيه المحامد أشكالاً وألوانا
يا واسع الخلق إفضالاً ومكرمة ... وموسع الخلق إنعاماً وإحسانا
فقت الكرام ما أوليت من كرم ... لله درك مفضالاً ومعوانا
ما قلت في المجد قولاً يوم مفتخر ... إلا أقمت عليه منك برهانا
لا زلت في الدهر مرضي العلى أبداً ... ونائلاً من إله الحق رضوانا
عليك مني سلام الله ما صدحت ... ورق الحمام وهز الريح أغصانا
فأجابني يقوله:
يا من تذكر خلاناً وجيرانا ... وصار يمسي سمير النجم سهرانا
صاد إلى مورد قد كان يألفه ... عذب به يشتفي من كان ولهانا
له به مرتع طابت موارده ... واليوم بالهند يا لله ما حانا
يا ماجداً حاز سبقاً في القريض وفي ... نهج البلاغة حتى فاق أقرانا
أحسنت لازلت في أمن وفي دعة ... جزاك ربك بالإحسان إحسانا
وحق جدك إن العين في غرق ... والقلب في حرق وجداً لما آنا
عليك بالصبر يا مولاي معتصماً ... إن النفيس غريب حيثما كان
كذا الليالي عهدناها مبدلة ... بالقرب بعداً وبعد الوصل هجرانا
فلا رأيت مدى الأيام حادثة ... من الزمان ولا همّاً وأحزنا
قد ضاق صدري لما أبديت من كمدٍ ... من لاعج البين ليت البين لا كانا
لكن لي أمل في الله خالقنا ... وحسن ظني متى ندعوه أولانا
أن يجمع الشمل في تلك البقاع وأن ... يروي غليل صدٍ ما زال حرانا
بفضل من عمت الأكوان قدرته ... رب البرية ذي الإحسان مولانا
ما حرمت نسمات الريح مورقة ... من النبات وهزت منه أفنانا
ومن شعرة مخاطباً لوالد المصنف أحمد الحسني:
زرت خلاً صبيحةً فحباني ... بسؤال أشفى وأرغم شاني
قال لما نظرت نور محياه ... ونلت المنى وكل الأماني
كيف أصبحت كيف أمسيت مما ... يلبت الحب في قلوب الغواني؟
فتحرجت أن أفوه بما قد ... كان مني طبعاً مدى الأزمان
يا أخا المجد والمكارم والفضل ... ومن لا أرى له اليوم ثاني
أدرك ادرك متيماً في هواكم ... وأكففن عنه صولة الحدثان
وابق واسلم منعماً في سرورٍ ... ما تغنت ورق على غصن بان
فراجعه الوالد بقصيدة أولها:
ليت شعري متى يكون التداني ... لبلاد بها الحسان الغواني
وبها الكرم مثمراً والأقاحي ... ضحكت من ثغور زهر لجان
والبساتين فائحات بعطر ... يخجل العنبر الزكي اليماني
وطيور بها تجاوبن صبحاً ... وعشياً كنغمة العيدان
وبألحان تذيب ذوي اللب ... وتحيي ميتاً من الهجران
وتمشي بها الظباء الحوالي ... مائسات كناعم الأغصان
كل خود تسطو بلحظ حسام ... وتثنى كما قنا المران
وجهها الصبح إنما الفرع منها ... ليل صب من لوعة الحب فان
غادة كالنجوم عقد طلاها ... ما اللآلي ما حلى العقيان
إن ياقوت خدها أرض الياقوت ... سعراً وعائب المرجان
كل يوم يقضى بقرب لديها ... فهو يوم النيروز والمهرجان
تلك من فاتت الظباء افنتنانا ... فلذا وصفها أتى بافتنان
مالصب أصيب من أسهم اللحظ ... نجاة من طارق الحدثان
أذكرتني أيام تلك وأغرت ... أعيني بالبكاء والهملان
ومنها قوله:
نفثات كالسحر يصدعن في قلب ... معنَّىً من الملامة عاني