كنا نؤمل أن نحظى بقربكم ... فلآن والله هذا منتهى الأمل
لو أن روحي في كفي فجدت بها ... على البشير بكم يا مرهم العلل
ما إن وفيت ببعض من حقوقكم ... وكطنت من عدم الإنصاف في خجل
ولبعضهم:
كتم الحب زمانا ثم باحا ... وغدا في طاعة الشوق وراحا
عاشق إن ضحك الواشي بكى ... وإذا ما غنت الورقاء ناحا
في سيل الله منه كبد ... أثخنتها الأعين النجل جراحا
وبكاه عائدوه رحمةً ... خشية الموت ولو مات استراحا
يا جفوني أسعدوني بالبكا ... أنا لا أصحب أجفاناً شحاحا
لو تكلفت سلواً لم أطق ... أو يخفى قط سكران تصاحى؟
ولابن الزيات:
سماعاً يا عباد الله مني ... وكفوا عن ملاحظة الملاح
فإن الحب آخره المنايا ... وأوله شبيه بالمزاح
وقالوا دع مراقبة الثريا ... ونم بالليل مسود الجناح
فقلت وهل أفاق القلب حتى ... أفرق بين ليلي والصباح
ولابن لؤلؤ الذهبي:
وتنبهت ذات الجناح بسحرة ... بالواديين فنبهت أشواقي
ورقاء قد أخذت فنون الحزن عن ... يعقوب والألحان عن إسحاق
قامت تطارحني الغرام جاهلة ... من دون صحبي بالحمى ورفاقي
أنى تباريني جوى وصبابة ... وكآبة وأسى وفيض آماقي
وأنا الذي أملي الهوى من خاطري ... وهي التي تملي من الأوراق
ولهارون بن المعتصم العباسي:
ما كنت أعرف ما في البين من حرق ... حتى تنادوا بأن قد جيء بالسفن
قامت تودعني والدمع يغلبها ... فجمجمت بعض ما قالت ولم تبن
مالت علي تفديني وترشفني ... كما يميل نسيم الريح بالغصن
وأعرضت ثم قالت وهي باكية ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن
وللحاجري:
سلوا ظبية الوادي التي فقدت خشفا ... ألا هل وجد من الشوق لا يطفى؟
وقولوا لورقاء الأراك أعندها ... من الشوق ما عندي إذا ذكرت الفا؟
وهيهات مثلي في الغرام متيم ... يرى كل يوم قد عرفت بها عرفا
ولا تعذلاني إن لثمت أراكة ... تميل فمن سلمى تعلمت العطفا
وله:
أنت الحياة وأنت السمع والبصر ... كيف احتيالي ومالي عنك مصطبر
فارقتني فنهاري كله حرق ... وغبت عني فليلي كله سهر
لو فارق الحجر القاسي أحبته ... لذاب من حر نار الفرقة الحجر
ابعث خيالك في جنح الظلام ترى ... ما بي من الوجد والبلوى فتعتبر
إذا تذكرت أياماً بقربكم ... ولت تطاير عن أنفاسي الشرر
بجهد المتيم أشواق فيظهرها ... دمع على صفحات الخد ينحدر
لا كان في الدهر يوم لا أراك به ... ولا بدت فيه لا شمس ولا قمر
وللارجاني:
نفسي فداؤك أيهذا الصاحب ... يا من رضاه علي فرض واجب
كم طال تقصيري وما عاتبتني ... فأنا الغداة مقصر ومعاتب
ومن الدليل على ملالك أنني ... قد غبت أياماً ومالي طالب
وإذا رأيت العبد يهرب ثم لم ... يطلب فمولى العبد منه هارب
ولأحمد بن الأنصاري المعروف بالشرواني:
جفا من لست أذكره براني ... وهيج لي غراماً في جناني
وحال عن الوداد ولم أحل عن ... مودته وظلماً قد جفاني
أيحسن منك يا مولاي هجري ... بلا ذنب وتعلم ما أعاني؟
دع الإعراض وارحم حال صب ... لبانته الزيارة والتداني
ورشف رضاب ثغرك واعتناق ... أنال به المسرة والأماني
وحسبك ما بليت به وفائي ... وعزك ذا المحاسن في هواني
أراك نسيتني وسلوت ودي ... وذاك الصل في ذاك الزمان
أعد نظراً إليَّ فإن قلبي ... لعمرك إن أطلت الهجر فان
سألتك بالهوى العذري أن لا ... تضن بما يسر به جناني
فها وجدي تضاعف منه كربى ... وصيرني حديثاً في المغاني
جعلت فداك فاسمح بالتلاقي ... ولا تجعل جوابي لن تراني
قال الشرواني: كتب إلي الشيخ الفقيه الفاضل اللوذعي عبد الله بن عثمان بن جامع الحنبلي وأنا كلكته وهي هذه:
أإنسان الوجود بلا نزاع ... ويا بحر العلوم بلا دفاع
وكهف الملتجين إذا أضيموا ... وغيثاً للعفاة بلا انقطاع