وغاية جازفي آفاقها صعداً ... كأنما هو والإصراع في صبب
ومرمل ينظر الدنيا على ظمأ ... منها ويطوي الحشا ليلاً على سغب
نادته أوصافه اللاتي قد اشتهرت ... لم القعود على غير الغنى فثب
فقام يعمل بين الكثب ناجية ... كأنما احتملت شيئاً من الكتب
حتى أناخت بمغناه فقال لها ... يا وصلة الرزق هذي فرقة التعب
لا عيب في ذلك المغنى سوى كرم ... يسلو عن الأهل فيه كل مغترب
كم ليلة قال لي فيها ندى يده ... يا أشعر العرب أمدح أكرم العرب
فصحبته قوافي التي بهرت ... بخرد مثل أسراب المها عرب
ألبسته وشيها الحالي وألبسني ... نواله وشي أثواب الغنى القشب
فرحت افخر في أهل القريض به ... وراح يفخر في أهل السيادة بي
يا ابن الملوك الألى لولا مهابتهم ... وجودهم لم يطمع دهر ولم يطلب
الجائدين بما نالت عزائمهم ... والطاعنين الأعادي بالقنا السلب
والشائدين على كيوان بيت على ... تغيب زهر الدراري وهو لم يغب
بيت من الفخر شادوه على عمد ... وبالمجرة مدوه على طنب
لله أنت فما تصغي إلى عذل بها ... يوم النوال ولا تلوي على نشب
أنشأت للشعر أسباباً يقال ... وهل تنظم أشعار بلا سبب
أنت الذي أنقذتني من يدي زمني ... يداه من بعد إشرافي على العطب
أجابني قبل أن ناديت جوادك إذ ... ناديت جود بني الدنيا فلم يجب
فإن يكن بعض أمداح الورى كذباً ... فإن مدحك تكفير من الكذب
وقال يمدح العلاء بن الفضل:
عطفت كأمثال القسي حواجباً ... فرمت غداة البين قلباً واجبا
بلواحظ يرفعن جفناً كاسراً ... فتثير في الأحشاء هما ناصبا
ومعاطف كالماء تحت ذوائب ... فاعجب لهن جوامدا وذوائبا
سود الغدائر قد تعقرب بعضها ... ومن الأقارب مايكون عقاربا
من كل ماردة الهوى مصرية ... لم تخشن من شهب الدموع ثواقبا
لم يكف أن شرعت رماح قدودها ... حتى عقدن على الرماح عصائبا
أفدي قضيب معاطف ميادة ... تجلو علي من اللواحظ قاضبا
كانت تساعدني عليه شبيبتي ... حتى نأت فنأى وأعرض جانبا
وإذا الفتى قطع السنين عديدة ... شاب الحياة فظل يدعى شائبا
ياأخت أقمار السماء محاسنا ... والشمس نورا والنجوم مناسبا
إن كابدت كبدي عليك مهالكا ... فلقد فتحت من الدموع مطالبا
كالتبر سيالا فلا أدري به ... جفني المسهد سابكا أم ساكبا
كاتمت أشجاني وحسبي بالبكا ... في صفح خدي للعواذل كاتبا
دمعي مجيب حالتي مستخبرا ... لله دمعا سائلا ومجاوبا
وعواذلي عابوا عليك صبابتي ... وكفاهم جهل الصبابة عائيا
ما حسن يوسف عنك بالنائي ولا ... دم مهجتي بمقيص خدك كاذباً
بأبي الخدود الغارات من البكا ... اللابسات من الحرير جلاببا
النابتات بأرض مصر زواهراً ... والزاهرات بأرض مصر كواكبا
آها لمصر وأين مصر وكيف لي ... بديار مصر مراتعاً وملاعباً
حيث الشبيبة والحبيبة والوفا ... في الأعربين مشارباً وأصحاباً
والطرف يركع في مشاهد أوجه عقدت بها طرر الشعور محارباً
والدهر سلم كيف ما حاولته ... لا مثل دهري في دمشق محارباً
هيهات يقربني الزمان أذى وقد ... بلغت شكابتي العلاء الصاحبا
أعلى الورى همماً واعدل سيرة ... وأعز منتصراً وأمنع جانباً
مرآة فضل الله والقوم الألى ... ملؤوا الزمان محامداًَ ومناقباً
الحافظين ممالكاً وشرائعاً ... والشارعين مهابة ومواهباً
لا يأتي منهم إمام سيادة ... من أن يبذ النيرات مراتباً
إما بخطي اليراع إذ الفتى ... في السلم أو في الحرب يغدو كاتبا
فإذا سخا ملأ الديار عوارفاً ... وإذا غزا ملآ القفار كتائباً
فإذا استهل بنفسه وبقومه ... عد المفاخر وارثاً أو كاسباً
ابقوا علي وقضوا فحسبتهم ... وحسبته سيلاً طماً وسحائباً
ذو الفخر قد دعيت رواة فخاره ... في الخافقين دعاءها المتناسبا