وفيها بنو الإسلام أعلوا مناره ... ليالي وجه الأرض بالشرك مغسق
أولئك أهل المدن من كل باسل ... إلى الطعن في يوم اللقا يتدلق
بيمن إمام المسلمين تألفت ... قلوب وأهواء شقاها التفرق
إذا صلحت في داخل الجسم مضغة ... فإن صلاح الجسم فيها معلق
لقد كان هذا الدين ينهد قبله ... وسيم بنوره الخسف جوراً وأرهقوا
فجاء رب العباد بلطفه ... غياثاً لهم والله بالخلق أرفق
(فتى دهره شطران بأَساً ونائلاً) ... به الله في الدنيا يهين ويرزق
فتى طلبات ليس يغضي على القذى ... ويقرع باب الخطب والخطب مغلق
إذا هم لم يردد عزيمة همه ... مقال مشير أو عذول يعوق
ولكنه يمضي وللحرب غلية ... تجيش لها نفس الكمي وتزهق
يفيت ملوك الأرض ما يطلبونه ... لديه وإن يطلبهم فهو يلحق
إذا لاح أعشى الناظرين مهابة ... فهم نكس الأذقان والطرف يرمق
مهابة ملك لكن الدين تاجها ... ومن يعر من ثوب التقى فهو أخرق
وكالبحر في حال الرضى فيض كفه ... وكالبحر قل ما شئت إن جاش يغرق
محامد شتى لكن الشخص واحد ... وربك مختار وما شاء يخلق
ولا كابن عجل في سفاهة رأيه ... وتسويله للقوم حتى توهقوا
قبائل شتى من أضاميم شمر ... على خير ما يرضى الإله تحزقوا
فصبحهم جند الإله وحزبه ... بملومة فيها الصفائح تبرق
فأدموا في العض على الأصابع ندما ... فلم يغنهم طول الأسى والتحرق
وذي عادة المولى الكريم بمن غدا ... ينادي بني الإسلام لا بد يمحق
فيا معشر الإخوان دعوة صارخ ... لكم ناصح بالطبع لا متخلق
يود لكم ما يمتنيه لنفسه ... ويعلم أن الحب في الله أوثق
تحاموا على دين الهدى مع أمامكم ... وكونوا له بالسمع جندا توفقوا
وإياكم والافتراق فإنه ... هو الهلك في الدنيا والدين يوبق
فو الله ثم الله لا رب غيره ... يمين امرئ لا مفتر يتملق
ولا قاصداً يوماً بقولي مكانه ... ولا عاجلاً للدين والسمت يعرق
لما علمت نفسي على الأرض مثله ... إماماً على الإسلام والحق يشفق
عسا أن نراها سيرة عمرية ... يدين لها غرب البلاد ومشرق
ففيه ولا نعدمه تبدو مخائل ... بها العز للإسلام والملك يورق
وصلى إله العالمين على الذي ... بأنواره الأكوان تزهو وتشرق
كذا الآل والصحاب ما لاح بارق ... وما ناح في الدوح الحمام المطوق
وقال لما فتح الإمام عبد العزيز بلد حائل في ربيع الأول سنة١٣٣٤هـ ويذكر ما من الله تعالى على هذا الإمام بالعفو عند المقدرة وما خصه به من إقالة العثرة:
تهلل وجه الدين وابتسم النصر ... فمنكان ذا نذر وفقد وجب النذر
وأوفى خطيب العز في منبر العلى ... ينادي ألا الله في صنعه الشكر
وأنا على وعد من الله صادق ... وتأخيره آباه كي يعظم الأجر
والله في طي الحوادث حكمة ... يحار بها عقل ويعيا بها فكر
يمحص أقواماً لهم عند الرضى ... ويمحق أقواما لهم عنده التبر
إذا خط ذو العرش الشقاء على امرئ ... فلن تغنه الآيات تتلى ولا النذر
وإلا ففيما جرى أهل حائل ... عليكم لكم من غيكم والهوى زجر
وقدما إمام المسلمين دعاكم ... إلى رشدكم لكن بآذانكم وقر
تدارككم حلم الإمام وعفوه ... وقد بلغ السيل الزبا وطما البحر
فأصبحتموا منه بمنجاة منعم ... عليكم فهل يلفى لديكم له الشكر
فلا تفكروها نعمة مقرنية ... فإن كفرت كانت هي الغل والأصر
فكم خول النعماء قوماً تربصوا ... فأرادهم خبث الطوية والغدر
فلولا التقى والصفح عنكم لاصبحت ... منازلكم يشتو بها الربد والعفر
هو امللك الوهاب والضيغم الذي ... له المغرمات الشم والفتكة البكر
هو الملك السامي الذي سطوته ... تبيح حمى من في خده صغر
بجيش يغيب الشمس عثير خيله ... ويحمده بعد اللقا الذئب والنسر
كان اشتعال البيض في جنباته ... سنا البرق والرعد الهماهم والزجر