للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ" (١).

فهل نعلم نحن أنَّه لا يجوز القتال إلّا تحت راية الإمام، ولا يجوز أن نتقدَّم على رَأْيه، وإنَّما نكون تَبَعاً لتدبيره في النَّوازل وغيرها، ويجهل ذلك المقطوع لهم بالخيريَّة؟!

لكنَّها - رضي الله عنها - لمَّا قُتِلَ عثمان - رضي الله عنه - في داره (٢)،وهو يقرأ كلام الله في المصحف الَّذي جمع النَّاس عليه، وفاض دَمُه على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧)} [البقرة] شقَّ عليها ذلك كما شقَّ على المسلمين.

ولم يتوقّف الأمر عند ذلك، وإنَّما نشأ عن هذه القاصمة قواصم أخرى، فالَّذين استباحوا حرمة المدينة المنوَّرة مِن المنافقين والغوغاء وتجرَّؤوا على الخليفة عثمان - رضي الله عنه - وقتلوه، تفرَّق بعضهم في الأمصار، فسارع إليهم كثيرٌ ممَّن يتعصَّب لهم من قبائلهم، وممَّن يهبُّ مع كلِّ ريح، وممَّن يضمر الشَّرَّ للإسلام، فانتقضت واضطربت البلاد، وهاج الشَّرُّ بين النَّاس.

ولم يكن من السَّهل على الخليفة عليٍّ - رضي الله عنه - يومها أَنْ يتبيَّنَ هؤلاء البغاة، أو يقتصَّ منهم. وتنازع النَّاس الأمر، فصاروا بين: مُسْرع، ومُبْطِئ، ومعتزل، ومصلح.

فمنهم من رأى الإسراع في قتل قتلة عثمان - رضي الله عنه -، ومنهم من رأى التَّريُّث حتَّى تنجلي عن وجه الحقِّ، ومنهم مَنْ اعتزل الفتنة، ومنهم مَنْ سعى للإصلاح


(١) البخاري" صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ٨) كتاب الجهاد والسّير.
(٢) انظر كتابنا "شهيد الدَّار: عثمان بن عفَّان - رضي الله عنه - ".

<<  <   >  >>