للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"انْظُرِي يَا حُمَيْرَاءُ، أَنْ لَا تَكُونِي أَنْتِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا فَارْفُقْ بِهَا " (١).

فحاشا لعليٍّ - رضي الله عنه - أن يحرِّضَ على قتال أُمِّه، وقد أمره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالرّفق بها؟! وحاشاه أن يعصي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينْبذ وصيَّته وراء ظهره، وإنّما استنفر عليّ - رضي الله عنه - أهل الكوفة لأنّه خَشِيَ على عائشة - رضي الله عنها -، فخرج ومَنْ معه إلى البصرة ليجتمع بعائشة - رضي الله عنها - ويعيدها إلى مأمنها.

أخرج أحمد بإسناد حسن عن أبي رافع أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: " إِنَّهُ سَيَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَائِشَةَ أَمْرٌ، قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنَا أَشْقَاهُمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَارْدُدْهَا إِلَى مَأْمَنِهَا" (٢).

فالله تعالى أطلع نبيّه - صلى الله عليه وسلم - على ما يقع بين عليّ وعائشة، فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم أنّ أمراً سيقع بينهما، وليس معركة كما يصّورون ويهوِّلون! ولم ينهَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليّاً ولا عائشة؛ لأنّه يعلم أنَّ هذا الأمْرَ واقع بأمر الله ليظهر عذرهما، وإنّما نبَّههما وأوصى عليّاً بها، فالله تعالى إذا أراد شيئا هيّأ الأسباب له.


(١) الحاكم " المستدرك " (ج ٣/ ص ١١٩) كتاب معرفة الصّحابة، وقال: صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه، وأورده ابن عساكر في " كتاب الأربعين في مناقب أمَّهات المؤمنين " (ص ٧١)، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ مِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ.
(٢) أحمد " المسند " (ج ١٨/ص ٤٦٨/رقم ٢٧٠٧٦) وإسناده حسن. وأخرجه البزّار في مسنده "البحر الزّخَّار" (ج ٩/ص ٣٢٩/رقم ٣٨٨١) وحسَّنه الحافظ في "الفتح" (ج ١٣/ص ٤٦).

<<  <   >  >>