للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا (٤٠)} [طه] " (١).

أمَّا قولهم: إنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرج من بيت عائشة - رضي الله عنها -، فَقَالَ: "رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ

هَاهُنَا" فلم يتمّوا الحديث زيادة في التَّلبيس والتَّعمية، والحديث عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: " رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ ـ يَعْنِي المشْرِقَ ـ" (٢). وللبخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: " رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ المشْرِقِ " (٣).

ومنهم مَنْ شَغَبَ بأنَّ الفتن من جهة نَجْد، قالوا: فقد روى البخاريّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "ذَكَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَفِي نَجْدِنَا، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا، قَالُوا يَا رَسُولَ الله، وَفِي نَجْدِنَا، فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ" (٤).

قلنا: نعم، الحديث أخرجه البخاريّ مِن رواية أزهر السَّمَّان مرفوعاً، لكن ليس المراد بنجد بلاد نجد المشهورة، فهذا مِن الوهم، فليس المراد موضعاً مخصوصاً، فأصل كلمة نجد مَا ارتفع وأشرف مِن الأرض، بخلاف الغَوْر فَإِنَّهُ مَا انْخَفَضَ مِنْهَا، فما ارتفع يسمَّى نجداً، وما انخفض يسمَّى غوراً، وَتِهَامَة كُلُّهَا مِنْ


(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٩/ج ١٨/ص ٣١) كتاب الفتن.
(٢) المرجع السَّابق.
(٣) البخاري " صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ٩٧) كتاب بدء الخلق.
(٤) البخاري " صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٩٥) كتاب الفتن.

<<  <   >  >>