للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليها أجيال وأقوام.

وأنا أعلم أنَّه لا يخلو زمانٌ من منافقين، فالخير والشَّرُّ له وارثون، فلا عَجَبَ أن نسْمَعَ مَنْ يتحدَّث بالإفك ويلوكه، ويجمعه ويفرِّقه، ويلمّ شَعَثه ويشيعه، ويقْشِره ويخفيه، وينْشُره ويفشيه.

{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ (٣٠)} [يس] يجهل أكثرُهم أنَّ لكلِّ واحدٍ منهم نصيباً من الإثم؛ لمتابعته ومشايعته رأس النِّفاق ابن أبيّ، فلم يكن هذا ليقع إلّا من منافق مارق، أو فاسق هالك {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (٢)} [الحشر].

ويا خَيْبَةَ مَنْ يحبُّ أن تشيع الفاحشة في المؤمنين، قال - عز وجل -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (١٩)} [النّور] والطَّامَّة أنَّه لا ينعق ناعق إلَّا وجدت مَنْ يسارع الوثْبَةَ إليه، فلكلِّ ساقطة لاقطة، ولكلِّ ثوب لابس.

والله يشهد أنَّني ما وضعت هذا الكِتابَ الصَّادع الرَّادع إلّا لأظهرَ بالحجَّة على كلِّ متحيِّز إلى فئة ترجع إلى الأهواء والآراء: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (٤٢)} [الأنفال].

ولا ريب أنَّ مُفَارَقَةَ أهل الأهواء في الدُّنيا خَيْرٌ من مُرَافَقَتِهم في الآخرة، وقد قال الله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ (٢٢)} [الصَّافات].

وقد جَهَدْتُ جَهْدِي لأقيم حقّاً، أو أهدم باطلاً؛ حتَّى يعرف الحقَّ مَنْ جهله، ويَرْعَوِي عن البَغْي مَن اقترفه، وعذري أنَّه ليس على مجتهد بَذَلَ وُسْعَه في

<<  <   >  >>