للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَلَبِ الحقِّ مِن عتب:

فإنْ لامَنِي القَومُ قُلْتُ أَعْذِروا فليس على أَعْرَجٍ مِنْ حَرَج

وأين يذهب مَنْ تزيَّا بزيِّ العلماء، وتعمَّم بعمائمهم، ثمَّ تولَّى عن آيات الله و {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ (٨٣)} [الإسراء] واتَّبع الهوى ليَضِلَّ عن سبيل الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)} [ص].

كذلك وضعته عظةً وعبرةً وتذكرة لِمَنْ لم يَسْلَمِ الصَّحابةُ من لِسَانه ويده، ولمن بَسَطَ لسَانَهُ في أعراضِهم، وأكل وشبع من لحومهم {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (١١٣)} [طه] ولا أيأس من رَوْحِ الله، {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)} [الطلاق].

ولم آلُ جَهْداً في نظمه وتأليفه، وتَرْصِيفِه وترصيعه، وزبرجته وتحبيره؛ فخراً بلغتنا العربيَّة لغة القرآن، ولغة سيِّد الأنام - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام - رضي الله عنهم -. ولم أدَّخِر وُسْعاً ولا سَعْياً ببلاغةِ بلاغه، بل سلكت إليها كلَّ سبيل؛ التزاماً بما ألزمنا الله تعالى بِه، فقد قال - جل جلاله -: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٨)} [العنكبوت]، ذلك أنَّ البلاغ المبين يكشف كُلَّ شبهة، ويزيل كلَّ لُبْسَة، ويدرَأُ كلَّ مفسدة، ويدفَعُ كُلَّ إشكال، ويجلِّي المُوَرَّى، ويوضِّح المُعَمَّى، ويجعل الحقَّ كَالشَّمْسِ في رَيْعَان الضُّحَى، لا يتمارى فيه اثنان.

ولذلك وَصَفَ الله تعالى كتابه بالمبين في غير آية، فقال: {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢)} [الزّخرف]، ووصف البلاغ المكتوب على الرُّسل بالبلاغ المبين،

<<  <   >  >>