للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُمِروا بالاستغفار لهم، ذلك أنَّ في قلوبهم مرضاً، ومن أعظم خبث القلوب وأمراضها أن تجد فيها غلّا للّذين {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ (١٠٠)} [التَّوبة]. روى مسلم عن عروة، قال: قَالَتْ لي عَائِشَةُ - رضي الله عنها -: " يَا ابْنَ أُخْتِي، أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَبُّوهُمْ" (١).

وتعجب حين تعلم أنَّ كثيراً من النَّاس يبحثون عن عِلاج لأمراض الأبدان، وهم في الحقيقة يحتاجون إلى علاج لأمراض القلوب، الَّتي امتلأت غيظاً وحقداً وضغناً وحسداً وزيغاً وزيفاً ونفاقاً وعُجْباً وفخراً وكبراً وهمّاً وحسرةً

وأمراض القلوب أشدّ خطراً من أمراض الأبدان؛ فأمراض الأبدان غاية أمرها أنَّها قد تفضي بصاحبها إلى الموت، أمَّا أمراض القلوب فقد تفضي إلى الشَّقاء في الدَّارين، لأنَّ معينها الشّبهات والشّهوات!

والقرآن الكريم فيه شفاء مِن أمراض القلوب الَّتي في الصّدور، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)} [يونس].

فالقرآن الكريم فيه من الآيات البيِّنات والبراهين القاطعات ما يجعل النَّاظر فيه يُخْرِجُ الحقَّ مِنْ خَاصِرَةِ البَاطِلِ، وقاصد الحقِّ لا يعمى. والقرآن يعمّ شفاءَ القلوب والأبدان بإذن الله تعالى وتقديره، كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ


(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٩/ج ١٨/ص ١٥٨) كتاب التّفسير.

<<  <   >  >>