للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (١٠٦)} [الأنعام].

وأمره أن يقول: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠)} [الأنعام]، وأمرنا الله تعالى بما أمر به نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ (٥٥)} [الزّمر].

ولذلك قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في حَجَّة الوَدَاع: "وقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ الله. وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ، فَقَالَ ـ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ ـ: اللَّهُمَّ اشْهَدِ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ" (١).

قلت: وصدق الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم -، فقد ضَلَّ مِنْ بعده - صلى الله عليه وسلم - مَنْ لم يعتصم بكتاب

الله تعالى، ومَن لم يَأْتمَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

كذلك لم يأمر الله تعالى بالاكتفاءبتقليد الآباء والإعراض عمَّا أنزله، قَال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} [البقرة]، وللآية نظائر ذمَّ الله تعالى فيها تقليد مَنْ لا علم له ولا هدى، وذمّ فيها مَنْ لا غرض له في التّقى، قال تعالى: {ا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} [المائدة]، وقال تعالى: {ا وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٤/ج ٨/ص ١٨٤) كتاب الحجّ

<<  <   >  >>