للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا الشَّر الثَّاني، فقد صرَّحَ بِه - صلى الله عليه وسلم -، وهو ظهورُ دُعَاةٍ على أبواب جهنَّم، على

اعتبار ما يكون ويؤول إليه حالهم، وكان هذا بعد معاوية - رضي الله عنه -، ولعلَّهم الخوارج، وبعض أمراء الطَّوائف والفرق، وأئمَّة الجور، وعلماء السُّوء في ذلك الزَّمان.

وعلى هذا فكلُّ مَنْ دعا إلى ضلالة، أو دعا إلى غير سنَّة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الرّاشدين من بعده، أو هَدَى بغير هَدْي الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فهو من الدُّعاة على أبواب جهنَّم.

ويفهم من الحديث أنَّه إذا لم يكن للمسلمين جماعة تجمعهم ولا إمام يأمّهم، وكانوا فرقاً مختلفة متفرِّقة لا ريح فيها، فإنَّه يجب اعتزال هذه الفرق، وقد

قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا (١٠٣)} [آل عمران].

ومن المعلوم أنَّ النُّصوص الشَّرعيَّة تأمر باتِّباع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والأخذ بسنَّتة وعدم مخالفتها لما جاء من الوعيد الشَّديد في ذلك، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣)} [الأنفال] وتأمر باتّباع سبيل المؤمنين (الصَّحابةلا إله إلا الله)، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النّساء].

واعلم أنَّ مَنْ لم يتَّبع سبيل المؤمنين اتَّبع غير سبيلهم، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)} [النُّور].

واعلم أنَّه لا يقوم إيمانُ عَبْد يؤمن بالله إلَّا على شهادتين: شهادة التَّوحيد، وهي شهادة أن لا إله إلَّا الله، وشهادة الاتِّباع، وهي شهادة أنَّ محمَّداً رسول الله.

<<  <   >  >>