والصَّحابة - رضي الله عنهم - وإن اختلفت تسمياتهم لم يكونوا فرقاً وجماعات، وإنَّما كانوا أمَّةً واحدة، وكانوا خير أمَّة وأكرمها على الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (١١٠)} [آل عمران] وعقيدتهم واحدة، وقلوبُهم على قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لا شحناءَ بينهم ولا بغضاء، اجتمعت قلوبهم وإن تفرَّقت ديارهُم، فَهُم مِن أهل الرَّحمة الَّذين استثنى الله تعالى في كتابه: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ (١١٩)} [هود].
وقد سمَّاهم الله تعالى جميعاً المسلمين: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ (٧٨)} [الحجّ]، وسمَّاهم المؤمنين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (١٠)} [الحجرات]، فانظر كيف جمعهم بالإسلام وأخوَّة الإيمان.
وفي التَّنزيل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)} [فصّلت] فلا أحد أحسن قولاً وعملاً ودرجة عند الله ممَّن دعا إلى الله وعمل صالحاً، وقال إنَّه مُسْلِمٌ مِن المسلمين، لا مِن جماعة كذا وكذا.
والولاء والبراء لا يعني أن نوالي جماعة ونتبرَّأَ مِنَ الجماعات الأخرى، بل الولاء أن نوالي الله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، والذّين آمنوا، قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا (٥٥)} [المائدة]. وعن عَمْرو بن العَاص، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - جِهَاراً غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ: " أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي، يَعْنِي فُلَانًا، لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا