فكيف نتحزَّب أحزاباً مختلفة المشارب والموارد ونذهب شَذَرَ مَذَرَ، وحزب الله تعالى واحد؟!
وإنَّما نقول هذا ـ وهو أمر معلوم ـ مِن باب التَّذكير استجابة لقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)} [الذَّاريات] فالمؤمن إذا ذُكِّرَ تَذَكَّر، وإذا رُغِّبَ رَغِبَ، فاتَّبع أحسن ما أنزل الله، وأبشر بخير: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (١٨)} [الزّمر].
وإيَّاك أن تكون مِن أهل الاختلاف، ودعاة الفُرْقة، ممَّن اتَّبعوا السُّبل، وكدَّروا صفو الأخوَّة الإيمانيَّة. واتَّبع سبيل الرَّسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (١٠٨)} [يوسف] فهو خير سلف لنا، وفي الصَّحيحين عن عائشة أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال لابنته فاطمة - رضي الله عنها - لمَّا رأى أجله قد اقترب:" فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنا لَكِ"(١).
واعلم أنَّ سبيل الرَّسول هو سبيل المؤمنين، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النِّساء].
(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٧/ص ١٤٢) كتاب الاستئذان، ومسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٨/ج ١٦/ص ٦) كتاب فضائل الصَّحابة.